المجلات العلمية هي الأساس الذي يرتكز عليه المجتمع العلمي في نشر النتاج الفكري و البيئة المناسبة لذوي العقل المبدع في توثيق دراساتهم و اكتشافاتهم العلمية .
ومن هنا كان لابد لهذه المجلات من تقديم شيء يجعلها مقصد للباحثين الذين يبحثون عن الكمال في أبحاثهم , فكانت الملجأ لهم لتحكيم أبحاثهم و تأكيد مصداقيةنتائجهم و تأثيرها , فنشر الأبحاث في المجلات العلمية المحكّمة يعتمد على قرار لجنة من المحكّمين المختصين في مجال البحث .
فما هو التحكيم العلمي وما مهامه و أساليبه ؟
التحكيم في المجلات العلمية هو عملية دراسة و فحص دقيقة و مفصلة للأوراق البحثية لمعرفة فيما إذا كانت هذه الأبحاث صالحة للنشر أم لا , و يمكننا القول أن أكثر ما يهم هو تحكيم مدى أصالة البحث المقدم و مدى تأثير نتائجه و جودته و أهميته في جميع مجالات الحياة العلمية والتطبيقية أي "إعطاء الشرعية للبحث العلمي ".
- كثير من الخبراء يتفقون أن التحكيم يحقق العديد من المهام التي تقوم عليها المجلات العلمية منها :
- بناء قاعدة بيانات لإيصال نتائج الاكتشافات و البحوث العلمية الحديثة إلى المجتمع الدولي .
- أن تكون المجلة أرشيفاً موثّقا للأبحاث المنشورة .
- فسج المجال أمام العلماء لتوثيق آخر الدراسات و الاكتشافات العلمية .
- التأكيد على أهمية جودة البحث العلمي .
اعتبارات التحكيم :
- التحكيم في المجلات العلمية المحكمة عامل رئيسي في الاعتراف بالأعمال العلمية .
- تقديم المعرفة للمجتمع العلمي .
- تقديم الترقية و إعلاء البحوث ذات الجوانب المتطورة .
- تقدم عملية التحكيم قاعدة لدراسات مستقبلية متطورة .
الأساليب المستخدمة في التحكيم العلمي
تتم عملة التحكيم في المجلات العلمية من قبل خبراء محترفين في الاختصاص التي تقدم الدراسة من خلاله فيه وقد يقوم رئيس الحرير بمسؤولية التحكيم أو يكون رئيس لجنة التحكيم , وغالباً يتم الاعتماد على مجموعة من المحكّمين العلميين من خارج المجلة , يمكن أن يكونوا أساتذة أو دكاترة جامعات و الذين يعملون على اختيار البحث الأجدر للنشر في المجلات , تختلف سير عملية التحكيم من مجلة إلى أخرى ببعض النقاط مثل عدد المحكّمين و سياسة الخصوصية المدة المتوقعة للنشر وهي في العموم :
- دراسة البحث المقدم من قبل هيئة التحرير للتأكد من صلاحيته وإعطاء موافقة مبدأيه من خلال مقارنته بالأبحاث الأخرى في نفس المجال للتأكد من صلتها بالاختصاصات المتوفرة في المجلةوأن هذه الأبحاث ذات جودة عالية .
- يجب المحافظة على سرية المعلومات الشخصية للباحث عند عملية التحكيم لتجنب المحسوبيات و عدم تدخّل العلاقات الشخصية والمعارف في عملية التحكيم .
- يقوم رئيس التحرير في المجلة باختيار المحكمين لمراجعة وتقييم ما تم الموافقة عليه في التحكيم الأولي , يتم اختيار محكّمين اثنين على الأقل لمراجعة البحث , حيث يعتمد اختيارهم بناءً على عدة أسس منها :
- أن يكون المحكّمين مختصين في مجالات الدراسة التي تختص فيها المجلة .
- أن يتميز المحكّمين بمسموعية وأخلاق عالية إضافة إلى الأمانة والسرية والتقيد بأخلاقيات النشر في المجلة .
- مهارات تحكيم ذات جودة جيدة .
- الوقت المطلوب لعملية التحكيم .
- المعرفة العالية و الإلمام الكبير بمواضيع الأبحاث .
- إذا تم الاتفاق على صلاحية البحث , يرسل قرار موافقة اللجنة إلى هيئة التحير التي تباشر الإعداد لنشره .
- يمكن أن يكون قرار الموافقة مصحوباً ببعض الملاحظات على نقاط مطلوب تعديلها فتعيد هيئة التحرير ملف الدراسة للباحث لإجراء التعديلات و إعادة إرساله للمجلة حيث تقوم المجلة بعرضه على هيئة التحكيم للموافقة على التعديلات الجديدة والنشر في حال القبول .
-عادةً تأخذ عملية التحكيم فترة طويلة من أيام إلى شهور و تصل أحيانا لحوالي سنة حسب كل المجلة .
المعايير التي يأخذ بها المحكمين في تقييم الدراسات :
- مدى أصالة الأفكار التي يقدمها الباحث والفوائد التي تعود على المجتمع .
- مدى ملائمة منهج البحث و أساليبه .
- مدى تنسيق البحث وجودة العرض .
- التزام الباحث بالقواعد النحوية والإملائية وضرورة التدقيق اللغوي .
- مدى توافق تصميم البحث مع الضوابط المفروضة والتي تختلف حسب بكل مجلة .
- مدى علاقة موضوع البحث المقدم باختصاص المجلة .
- موضوعية الدراسة وقيمة النتائج و دقتها.
- مدى الاقتباس من الدراسات الأخرى .
مسؤوليات المحكمين
- يجب على المحكّم الحفاظ على أمن و سرية معلومات المحتوى الخاضع للتحكيم .
- على المحكّمين مراجعة مخطوطات البحث التي تقع في نطاق اختصاصهم وخبرتهم .
- على المحكّم أن يكون على دراية كافية بموضوع البحث الذي يعمل على تقييمه .
- يتوجب على المحكّم تقديم المساعدة لهيئة التحرير في اتخاذ القرار حول إمكانية نشر البحث .
- تقديم المقترحات و الملاحظات على البحث بما يخدم تطوير الدراسة وتحقيق جودة أكبر للبحث .
- الحفاظ على سلامة البحث حسب معايير المجلة التي تم تقديم البحث للنشر فيها .
- تحديد نقاط القوة والضعف في أوراق البحث .
- تسجيل مقدار الاقتباس و التصريح عن عمليات الانتحال .
مشكلات التحكيم
تتمحور مشكلات التحكيم حول الأطراف الفعالة في عملية النشر وهي الباحث والمحكّم وهيئة التحرير وتقسم إلى :
عدم الموضوعية : عدم الموضوعية من قبل المجلة أو لجنة التحكيم تجاه الباحث مثلاً عند رفض البحث منذ البداية وحتى بدون عرضه على لجنة التحكيم .
التحيز : أي عدم المساواة بين الباحثين عند التقديم للنشر و تمييز باحث عن آخر بسبب جنسيته أو لغته أو عرقه والتمييز أحياناً بين الرجل والمرأة , وأحياناً يكون التحيز بغرض المنافسة غير الشريفة بين الباحثين .
الإساءة العلمية : يمكن أن تحدث نتيجة انتحال فكرة باحث آخر أو اقتباس غير مشروع , و يمكن أن تكون نتيجة تسرع الباحث في نشر دراسات لا تحقق صفة البحث العلمي الحقيقي , أو نشر نفس البحث في عدة مجلات بنفس الوقت تحت عناوين مختلفة .
ويمكن أن تحدث الإساءة من طرف المحكمين أنفسهم عن طريق قيامهم بسرقة أفكار باحثين لم تنشر بعد أو رفضها و إعادة نشرها باسمهم .
النقد و تحري العيوب : و تحدث من قبل المحكمين عن طريق التقصد في استخراج أخطاء وعيوب لا صحة لها لرفض البحث بغرض تكسير معنويات باحثين منافسين لهم .
الاحتيال والتزوير : وتتم عن طريق المحكمين بتشويه نتائج بحث ومن ثم تقديمه بمسمى آخر وادعاء انه من إبداعهم .
لا شك أنه و مع كل هذه المشكلات لا يزال موضوع التحكيم يعتبر نقطة مفصلية في كل بحث فهو الوسيلة الوحيدة المتاحة حالياً لإجراء تقييم نوعي للبحوث العلمية , كما يشجع الباحثين على ضبط أبحاثهم والابتعاد عن الغلط لأنهم على علم بوجود لجنة في المجلة ينصب كامل اهتمامها على تدقيق البحث قبل نشره .