النشر هو الأساس الذي يرتكز عليه المجتمع العلمي في تعريف النتاج الفكري و البيئة المناسبة لذوي العقل المبدع و توثيق لدراساتهم و اكتشافاتهم العلمية فالأبحاث الغير منشورة مصيرها النسيان .
ومن هنا كان لابد لخلق صناعة للنشر و اطلاق وسائل النشر العلمي و التي كان أشهرها المجلات و المؤتمرات العلمية و كان لابد لهذه الصناعة من تقديم شيء يجعلها مقصد للمفكرين و الطلاب الذين يبحثون عن الكمال في أبحاثهم , فكانت الملجأ لهم لتحكيم أبحاثهم و تأكيد مصداقيتها و تأثيرها , فنشر الأبحاث في هذه الوسائل العلمية المحكّمة يعتمد على قرار لجنة من المحكّمين المختصين في مجال البحث .
التحكيم في المؤتمرات العلمية مهامه و معاييره
اذا نظرنا في تاريخ المؤتمرات العلمية لرأينا الهدف العميق منها , و هو لقاء العقول البشرية و التشاور و حل القضايا و المشاكل الاجتماعية , و لم يكن من المهم سابقاً بالنسبة للمشارك تدوين بحثه و تحكيمه و نشره , و لكن مع التقدم و التطور في المجتمعات البشرية , و إقامة العديد من اللقاءات و الأقبال الشديد على تدوين و نشر الأبحاث أصبح توثيق هذه الأبحاث ضرورة ملحة , فلجأ الكثير من المهتمين للنشر في المجلات العلمية و التي قدمت لهم ميزات كثيرة و موثوقية كبيرة أبعدتهم عن التعامل مع المؤتمرات العلمية التي لم تقدم هذه الميزات آنذاك , و التي كان اهتمامها بتحقيق اللقاءات البشرية أكثر
وفي وقتنا الحال تغير الوضع كثيراً حيث أصبح للمؤتمرات العلمية قيمة أكبر بين الباحثين و المهتمين بالنشر , حيث وفرت ميزة الموثوقية و التحكيم العالي الجودة فضلا عن سرعة الأداء و سبل التواصل مع المتقدمين للنشر في هذه الفعاليات العلمية .
وعملية التحكيم في المؤتمرات العلمية هي عملية دراسة و فحص دقيق و مفصل للأوراق البحثية لمعرفة فيما إذا كانت هذه الأبحاث صالحة للنشر أم لا ,و يمكننا القول أن أكثر ما يهم هو تحكيم مدى أصالة البحث المقدم و مدى تأثير نتائجه و جودته و أهميته في جميع مجالات الحياة العلمية والتطبيقية أي "إعطاء الشرعية للبحث العلمي".
- كثير من الخبراء يتفقون أن التحكيم في المؤتمرات يحقق العديد من المهام منها :
- بناء قاعدة بيانات لإيصال نتائج الاكتشافات و البحوث العلمية الحديثة إلى المجتمع الدولي .
- حفظ حقوق الملكية للباحثين و حمايتها من السرقة و الانتحال الغير مشروع .
- يقوم المؤتمر العلمي بأرشفة الأبحاث المنشورة في دور النشر و وقائع المؤتمر للعودة إليها و الاقتباس منها عند اللزوم .
- فسج المجال أمام العلماء لتوثيق آخر الدراسات و الاكتشافات العلمية .
- التأكيد على أهمية و جودة البحث العلمي .
أهمية التحكيم :
- تعتبر عملية التحكيم في المؤتمرات العلمية عامل رئيسي في الاعتراف بالأعمال و الدراسات العلمية .
- تقديم المعرفة للمجتمع العلمي من خلال التأكيد على تميز البحث و أهميته .
- تقديم الترقية و إعلاء البحوث ذات الجوانب المتطورة .
- تقدم عملية التحكيم قاعدة لدراسات مستقبلية متطورة يستند فيها الباحث إلى هذه الأبحاث .
آلية التحكيم في المؤتمرات العلمية
تتم عملة التحكيم في المؤتمرات العلمية من قبل خبراء محترفين في الاختصاص التي تقدم الدراسة من خلاله , و قد يقوم رئيس لجنة تنظيم المؤتمرات أو إدارة المؤتمر بمسؤولية التحكيم شخصياً أو يكون رئيس لجنة التحكيم , وغالباً يتم الاعتماد على مجموعة من المحكّمين العلميين من خارج كادر المؤسسة المنظمة , يمكن أن يكونوا أساتذة أو دكاترة جامعات و الذين يعملون على اختيار البحث الأجدر لنشره في وقائع المؤتمر , و تختلف الأسس المتبعة في عملية التحكيم و المعايير حسب المؤتمر مثل عدد المحكّمين و سياسة الخصوصية و المدة المتوقعة للنشر وهي في العموم:
- تقوم الهيئة المسؤولة عن نشر الأبحاث في المؤتمرات العلمية بدراسة البحث المقدم من قبل الباحث للتأكد من صلاحيته وإعطاء موافقة مبدأيه من خلال مقارنته بالأبحاث الأخرى في نفس المجال للتأكد من صلتها بموضوع و عنوان المؤتمر وأن هذه الأبحاث ذات جودة عالية .
- سرية البيانات و المعلومات الشخصية للباحث عند عملية التحكيم لتجنب المحسوبيات و عدم تدخّل العلاقات الشخصية والمعارف في عملية التحكيم .
- يقوم المسؤول عن لجان إعداد المؤتمرات و البحث العلمي باختيار المحكمين لمراجعة وتقييم ما تم الموافقة عليه في التحكيم الأولي , يتم اختيار محكّمين اثنين على الأقل لمراجعة البحث , حيث يعتمد اختيارهم بناءً على عدة أسس منها :
- اختصاص المحكّمين في مجالات الدراسة .
- مسموعية وأخلاق المحكمين العالية إضافة إلى الأمانة والسرية والتقيد بأخلاقيات النشر .
- مهارات تحكيم ذات جودة جيدة .
- سرعة عملية التحكيم و دقتها .
- المعرفة العالية و الإلمام الكبير بمواضيع الأبحاث .
- إذا تم الاتفاق على صلاحية البحث , يرسل قرار الموافقة إلى الباحث لتحضير نفسه لحضور المؤتمر قبل فترة من انعقاده .
- يمكن أن يكون قرار الموافقة مصحوباً ببعض الملاحظات على نقاط مطلوب تعديلها فتعيد هيئة المؤتمر العلمي ملف الدراسة للباحث لإجراء التعديلات و إعادة إرساله حيث يتم عرضه على هيئة التحكيم للموافقة على التعديلات الجديدة و إرسال إشعار الموافقة في حال القبول .
- عادةً لا تأخذ عملية التحكيم فترة طويلة حسب المؤتمر و يتم إخطار الباحث في حال التأخير .
المعايير التي يأخذ بها المحكمين في تقييم الدراسات :
- أصالة و جدارة البحث و الفوائد التي تعود على المجتمع .
- مدى ملائمة منهج البحث و أساليبه .
- مدى تنسيق البحث وجودة العرض .
- التزام الباحث بالقواعد النحوية والإملائية وضرورة التدقيق اللغوي .
- مدى توافق تصميم البحث مع الضوابط المفروضة .
- مدى علاقة موضوع البحث المقدم باختصاص و موضوع المؤتمر العلمي و الجوانب المقام من أجلها .
- موضوعية الدراسة وقيمة النتائج و دقتها.
- مدى الاقتباس من الدراسات الأخرى .
مسؤوليات المحكمين
- الحفاظ على أمن و سرية معلومات المحتوى الخاضع للتحكيم .
- مراجعة مخطوطات البحث التي تقع في نطاق اختصاصهم وخبراتهم .
- الدراية الكافية بموضوع البحث الذي يعمل على تقييمه .
- يتوجب على المحكّم تقديم المساعدة لهيئة التحرير في اتخاذ القرار حول إمكانية نشر البحث .
- تقديم المقترحات و الملاحظات على البحث بما يخدم تطوير الدراسة وتحقيق جودة أكبر للبحث .
- الحفاظ على سلامة البحث حسب معايير البحث العلمي و أسس الكتابة الأكاديمية و الضوابط في المؤتمرات التي تم تقديم البحث للنشر فيها .
- تحديد نقاط القوة والضعف في أوراق البحث .
- تسجيل مقدار الاقتباس و التصريح عن عمليات الانتحال .