لا شك في الأهمية و الدور الكبير الذي قدمته الأبحاث العلمية و الدراسات في تحسين الكثير من جوانب الحياة و لكن في المقابل نسمع عن عدد من الأبحاث التي قامت سابقا في أحد المجالات و تم التصريح عنها و نشرها حديثاً , و لو تم نشرها في ذلك الوقت لقدمت انفتاحا و تقدماً أكبر مما نحن عليه اليوم , فالبحث العلمي لا قيمة له ما لم يتم نشره .
ومن هنا تأتي أهمية النشر العلمي التي أنارت درب العلم و الباحثين العلميين و قدمت العديد من الفوائد و الخدمات للبشرية و المهتمين , فإذا كان البحث هو باب التقدم و التطور فالنشر العلمي هو المفتاح لهذا الباب , و تعد المؤتمرات العلمية من أهم وسائل النشر العلمي التي لعبت دوراً كبيراً في خلق الجو المناسب وتأمين اللقاءات الأكاديمية و البحثية التي تجمع نشطاء المجتمع العلمي لتقديم و مناقشة أفضل ما توصلوا إليه و تقديمه لمصلحة المجتمع و خدمة مستقبله .
يتم تنظيم هذه التجمعات البشرية من قبل لجان تسمى هيئة إعداد المؤتمرات العلمية و التي تقوم بعدد كبير من الأعمال لتنظيم هذا التجمع و وضع الشروط و الضوابط و إرسال الدعوات و نشر الإعلانات و ترتيب جدول المؤتمر و الفعاليات المرافقة , و هذه الأمور و غيرها الكثير تتطلب جهداً لا يستهان به و من خلال الإصرار لدى المسؤولين عن إعداد هذه المؤتمرات العلمية على مواجه كل هذه الصعوبات و التحديات نرى الأهمية الكبرى لهذه المؤتمرات العلمية .
و المؤتمرات العلمية أصبحت تعتبر من أفضل وسائل النشر العلمي لما تقدمه من خدمات تميزهاو تنفرد بها عن باقي الطرق الأخرى , فعلى الرغم من التوجه الكبير إلى المجلات العلمية المحكمة في السابق لجودة عملية التحكيم فيها و تعدد قواعد البيانات العالمية المفهرسة التي تصنفها و التي تتضمن فيها و تعمل على تأمين الموثوقية و الجودة و المصداقية لها , إلا أن المؤتمرات العلمية أصبحت لا تقل قيمة عنها في جودة عملية التحكيم و الضوابط التي تضعها لضمان قيمة البحث و زد على كل ذلك السرعة في عملية النشر و التي تميزها عن المجلات العلمية و تدفع الكثير للمشاركة في المؤتمرات لتحقيق عملية نشر سريعة , فعملية الرد على الموافقة وقبول البحث في المؤتمرات العلمية لا تتعدى أسابيع قليلة و في بعض الأحيان أقل من أسبوع على عكس المجلات العلمية التي تأخذ عملية النشر فيها مدة تتجاوز الشهور أحياناً .
أهمية النشر في المؤتمرات العلمية
تتركز أهمية المؤتمرات العلمية بقدرتها على خلق تجمع بشري يدعم العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية و العلمية , و تعتبر عملية التحكيم في المؤتمرات العلمية ميزة هامة و التي تعود على الباحث بضمان لجودة بحثه و توثيق لملكيته الفكرية , يتم اختيار المحكمون في المؤتمرات العلمية بعناية من قبل لجنة إعداد المؤتمرات العلمية وفق معايير متعددة من حيث المعرفة الثقافية و خبرات واسعة في مجال الاختصاص و العلوم التابعة له و مهارات عالية في المراجعة و التقييم و أن يتميز المحكّم بمسموعية جيدة و يتقيد بأخلاقيات التحكيم و يتمتع المحكّم بمكانة مرموقة في المجتمع العلمي داخل اختصاصهم.
تقدم المؤتمرات العلمية خدمة كبيرة و تؤمن للباحثين و المهتمين من الحضور و المؤسسة المنظمة العديد من الفوائد و الأهميات فهي تضمن :
- إشهار اسم الباحث والتعريف بنفسه لدى المهتمين وأهل الخبرة , فالباحثين يعملون بصمت داخل مخابرهم و مراكزهم العلمية و يُخفى عن المجتمع ما يقوم به هؤلاء , و المؤتمر العلمي يعرّف المجتمع بهم .
- يدعم المؤتمر العلمي ثقة الباحث العلمي بنفسه و خصوصا عند عرض بحثه أمام نخبة من المختصين و الباحثين في نفس المجال .
- فرصة للباحث للتعلم من الأخرين من خلال معرفة أساليب التحليل و الطرق التي اتبعوها في دراساتهم وعرض البيانات والنتائج التي توصلوا إليها .
- توفر المؤتمرات العلمية في الفعاليات المصاحبة لها و التي تكون في الغالب خارج قاعة المؤتمر إمكانية عرض القسم العملي و تنفيذ التجارب التي تتعلق بالبحث .
- يسهل و يؤمن إمكانية الرد على الاستفسارات المطروحة و مناقشة القضايا و تلقي النصائح و شرح تفصيلي للمعلومات الغير موضحة .
- الاجتماع و اللقاء مع المختصين و ما ينعكس عنه من التعلم المباشر و بناء علاقات أكاديمية .
- الملاحظات المقدمة في النقاشات و الدراسات التي يلقيها المتحدثين قد تفتح آفاق جديدة لدى الباحث حول موضوع البحث .
- يسعى بعض الباحثون خاصة في مجالات العلوم الحياتية لاستغلال المؤتمرات العلمية لإجراء تجربة اجتماعية توضح السبب الذي دفعهم للقيام بالبحث و النتائج التي خرجوا بها .
- تزيد من اطلاع المفكر أو الباحث المشارك على التغيرات و الأحداث العلمية المتطورة باستمرار في مجال تخصصه , و تعزز الثقة لديه بالبحث الذي بين يديه والنتائج التي توصل لها.
- تقدم الأبحاث المنشورة من خلال المؤتمر الدولي للباحثين و الأكاديميين المساعدة في تحصيل علمي أعلى و تساعدهم في تحقيق متطلبات الترقية الوظيفية , كما تعزز مهارات الباحث على الكتابة الأكاديمية و الاستفادة من تحكيم الخبراء لبحثه .
على ضوء هذه الأهميات نلاحظ في وقتنا الاندفاع لدى الباحثين لحضور المؤتمرات العلمية بكافة أنواعها و اختصاصاتها و تنوعها الجغرافي و بالمقابل نلاحظ التسابق الذي حصل لدى المؤسسات لاستضافة المؤتمرات العلمية و التي قد يكون الغاية منها في بعض الأحيان تحقيق شهرة للمؤسسة و ترويج لاسمها أو قد يكون الهدف توسيع آفاق البحث العلمي و الانفتاح لدى الطاقات العلمية و الذي نراه في الجامعات و التي تدعم إقامة و تنظيم المؤتمرات العلمية و تفرض ذلك على الكليات التابعة لها بشكل سنوي غالباً .
بالإضافة للمؤتمرات العلمية التي تعقد تحت طارئ أو حدث استثنائي مهم , و تقام المؤتمرات العلمية في مكان المؤسسة المنظمة و من مسؤولياتها تأمين استقبال المدعوين على كافة الأصعدة و التعريف ببرنامج المؤتمر و ما يتضمنه من ورشات العمل لتغطية القسم العملي في الأبحاث التي تتطلب ذلك و تأمين طريقة لعرض المخطوطات و الرسومات التوضيحية و التعريف بالمؤسسة المنظمة و المشاريع المقامة في مجال المدعوين و ترتيب الكلمات الافتتاحية و تقديم الباحثين .