نشر أوراق علمية في المؤتمرات ليس بالأمر السهل و تعتبر عملية النشر أحيانا من أكبر التحديات التي تواجه الباحث , فالمشاركة في المؤتمرات العلمية و وجود بحث في الوسط العلمي مدون باسمك يعني بلوغ مرحلة الأبداع و الفكر المعرفي , لذلك من الواجب أن تكون هذه المشاركة مميزة و هذا يعني اختيار المؤتمر العلمي المناسب و تقديم و نشر بحث متميز .
فالمشاركة في الندوات و اللقاءات و نشر أوراق علمية في المؤتمرات هي أهم المقاييس التي يعتمدها الخبراء في تقييم درجة الباحث و تحليل كفاءته و التعرف على نتاجه و ثمرة كفاحه , بالإضافة لكونه شهادة بأن هذا الباحث أو الطالب قادر على خلق تطوير في مجاله و بناء علاقات أكاديمية و تحصيل المعرفة و دليل على مستوى الثقة بالنفس لديه و براعته في عرض الأفكار و الجلسات الحوارية و بالتالي رفع مستوى المؤسسة التي يعمل بها أو ينتمي إليها إلى مستوى ذات ثقل دولي , لذلك فكثير من المؤسسات العلمية تقيّم مستوى الباحثين حسب هذه الفعاليات و نراها تدعم باستمرار إقامتها أملاً منها ببناء كوادر و جيل أفضل و تحصيل دراسات جديدة .
قد يكون هدف الباحث أو الطالب من نشر أوراق علمية في المؤتمرات بداعي الترقية أو تحقيق متطلبات المشرفين أو الجامعة في نشر أوراق علمية لإكمال شروط التأهيل لمناقشة رسالة الماجستير أو أطروحة الدكتوراه والذي يعتبر خير دليل على أنه كفوء لنيل هذه الشهادة أو قد يكون الهدف هو الشهرة و عمليات اللقاء و التبادل العلمي .
و المشاركة ونشر أوراق علمية في المؤتمرات لا يقل قيمة عن أساليب البحث و كتابة الورقة البحثية ذاتها , لذلك قبل الشروع بالنشر يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عدة مواضيع ذات أهمية في تحقيق ما تسعى إليه ,أهمها بما يتعلق بالبحث حيث يجب أن تتأكد من أن دراستك مميزة عن غيرها و جديرة بالنشر و أن تكون نتائجك واضحة و دقيقة فهذه النتائج ستعرض أمام نخبة من المفكرين و الخبراء و المختصين في مجال و اختصاص المؤتمر و ستدون باسمك , و قد تكون عماد لمشرع حقيقي و قد يتم اعتمادها لاحقاً كمرجع لدراسة ما , أو قد يُكلّف بتطويرها و تصبح فرضيات و مراجع يقتبس منها , كما يجب التركيز على موضوع تنسيق وجمالية شكل البحث بما يتناسب مع المتطلبات و القواعد التي تضعها اللجان المسؤولة عن تنظيم المؤتمرات العلمية و تقييم الأوراق البحثية المقدمة للنشر فيها .
أما فيما يتعلق بطبيعة و نوعية المؤتمر المقرر النشر من خلاله فيجب التركيز على اختيار المؤتمر العلمي المناسب لموضوع ورقتك البحثية و معرفة التخصص وموضوع المؤتمر و توافقها مع اختصاص دراستك , إضافة لشهرة المؤسسة المنظمة و الخبراء المعدين لبرامج المؤتمر العلمي و المواضيع المنشورة و نوعية الحضور و الأسماء العلمية المدعوة .
والسؤال الأهم هنا ماهيي معايير اختيار المؤتمرات العلمية لنشر الأوراق البحثية فيها ومدى تأثير هذه المعايير على قبول أو رفض البحث ؟
بدايةً قبل الشروع بتقديم و إرسال الطلب للمشاركة و إرسال أوراقك البحثية للتحكيم و المراجعة لنشرها عليك معرفة الإرشادات والشروط الموضحة في لوائح المؤتمرات و قراءة التعليمات و معايير النشر بتأني لتجنب رفض النشر من قبل اللجان المسؤولة و التعرف على الباحثين المختصين الحاضرين و الخبراء في مجال دراستك و المسؤولين عن مراجعة وتحكيم الأوراق البحثية المقدمة , كما ينبغي عليك معرفة طريقة المراسلة و النشر قبل إرسال أوراقك البحثية.
بالإضافة لعدد من المعايير التي سنتطرق لها في السطور القادمة :
اختصاص المؤتمر العلمي : عند إقرارك المشاركة و نشر أوراق علمية في المؤتمرات يجب التعرف على اختصاصها و المواضيع المعروضة للنقاش و الأبحاث المقدمة فيها و يمكن معرفة ذلك من خلال الموقع الرسمي المُنشأ لهذه المؤتمرات من قبل اللجان المسؤولة عن تنظيمها أو المراكز العلمية و الجامعات الداعمة لها , فقد يكون المؤتمر بمجال ما دون تحديد الاختصاص الدقيق مثل المؤتمرات المنعقدة لعلوم الطاقة بشكل عام مثلا و مؤتمرات الكهرباء بشكل متخصص أكثر , و أنت كباحث يجب أن يكون لديك ادراك لمثل هذا الموضوع , وكلما كان المؤتمر أقرب لاختصاصك كلما كان احتمالية القبول للنشر أفضل و الفائدة أكبر .
النطاق الجغرافي للمؤتمر العلمي : قد تكون جهودك التي قدمتها في مجال البحث كبيرة و لا تريد إضاعتها بالنشر في مؤتمر ذات مجال صغير أو محلي , فاختيار نطاق المؤتمر ينعكس على أهدافك بالطبع , فالمشاركة و نشر أوراق علمية في المؤتمرات الدولية ذو مكانة و مردود أفضل الطبع , بالإضافة إلى ميزة اللقاء مع الشخصيات العلمية العالمية و ما يتبعه من التعلم منهم و تبادل الخبرات .
مصداقية و موثوقية المؤتمر العلمي : المصداقية هي ما يبحث عنه المتقدم لنشر أوراق بحثية في المؤتمرات , فعلى الرغم من ضعف هذه الميزة سابقاً و قلة المؤتمرات الموفرة لها , إلا أنها في يومنا هذا أصبحت شيء أساسي يميز هذا الحدث , و لا يمكن إنكار وجود العديد من المؤتمرات التي تدعي الغاية العلمية و لكنها في المضمون لا تمت لها بصلة تستغل هذا العنوان لجذب الحضور للدعاية لنفسها و الترويج لها , و باختصار فإن المصداقية هي السبب الذي جاءت لأجله المؤتمرات العلمية الحالية لضمان الحفاظ على الملكية الفكرية للباحث وحماية بحثه من السرقة والانتحال و اعتماد البحث كمصدر موثوق , حيث يوفر كل مؤتمر إمكانية تحكيم الأبحاث عن طريق عدد من المحكمين المختصين , مهمتهم تقييم البحث المقدم وإعطاء قرار بقبول المشاركة و النشر أو الرفض حسب معايير التحكيم .
المراسلة و القبول : تتميز المؤتمرات العلمية عن وسائل النشر الأخرى بسرعة الرد على طلبات المشاركة و نشر الأوراق العلمية فيها .
فترة المؤتمر : عادة تعتمد اللجان المنظمة إقامة المؤتمرات في فترات لا تتعارض مع أعمال الباحثين أو فترات الدراسة و الاختبارات بالنسبة للطلاب و المشاركين من الهيئات التعليمية .
لغة المؤتمر : تفرض الهيئات المنظمة على المتقدمين لنشر أوراق علمية في المؤتمرات أن تقدم هذه الدراسات أو ملخصاتها بلغة المؤتمر و أحياناً بعدة لغات , لذلك على المتقدم الانتباه لهذه النقطة قبل إرسال بحثه .
استمرارية المؤتمر : من المعرف عن المؤتمرات الناجحة استمرار انعقادها و في الغالب بشكل دوري و منتظم , لذلك يفضل الكثير ممن يريدون نشر أوراق علمية في المؤتمرات تقديمها في مؤتمرات ذات حضور دوري في الوسط العلمي .
عدد الأبحاث المقدمة في نفس المؤتمر : تختلف الآراء حول أيهما أفضل , المؤتمرات ذات العدد الكبير من الحضور و المشاركات , أم المؤتمرات المحدودة العدد , و هنا من الأفضل معرفة مستوى الأبحاث و نوعيتها و المستوى العلمي و المعرفي للمشاركين فضلاً عن عددهم .