تعتبر قضية النشر العلمي ذات أهمية كبيرة بالنسبة للباحثين و المهتمين في مجال الدراسات و البحث العلمي ، و تعتبر عملية النشر العلمي هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها تقدم و تطور الشعوب ، فهي الوسيلة لنقل الأفكار و تبادل و تشارك الاكتشافات و الاهتمامات , و التعريف بكل ما توصل و يتوصل إليه العلم في سبيل خدمة البشرية ككل .
بالإضافة لأهداف الباحثين من عملية النشر العلمي لخدمة المجتمع العلمي و الإنسانية , فإنهم يسعون لتحقيق غايات متعددة من عملية النشر العلمي هذه ، فالبعض من الباحثين يهتمون ببناء أسمائهم من خلال الدراسات التي يقدموها في اختصاصهم و نشرها لتصل لكل مهتم و مفكر و التعريف بالنتاج الفكري لهذا الباحث .
و تسعى الجامعات و المراكز المهتمة بقضايا البحث العلمي لنشر الدراسات الصادرة عنها عبر وسائل النشر العلمي المعروفة و المتعددة لتحقيق المكانة لها , و رفع مستواها الفكري، فمثلاً تهدف الجامعات لزيادة عدد الأبحاث المنشورة باسمها , إيمانا منها بأهمية الدراسة والبحث العلمي في تقدم المجتمع و تطوره , و لدورها في رفع و زيادة مستوى و ترتيب الجامعة بين الجامعات و المراكز العلمية الأخرى ، حيث يتم ترتيب الجامعات اعتماداً على عدد و أهمية الأبحاث المنشورة تحت غطائها و باسمها و شعارها ، كما نرى الكثير من الجامعات تقدم الدعم لطلابها لنشر أبحاثهم دوليا لما له من انعكاس إيجابي كبير أيضا على الجامعة .
و لتحقيق هذه الغايات المتعددة على الباحث و المستفيد من عملية النشر العلمي إيجاد وسيلة مناسبة للنشر و ايصال رسالته و فكرة دراسته من خلالها ، بالإضافة لتقديم بحث متكامل الشروط و متوافق مع التوصيات و أساسيات النشر العلمي .
وسائل و أساسيات النشر العلمي
النشر العلمي ليس بالأمر السهل فهو ليس مجرد نشر دراسة أو مقالة في أي مجلة أو صحيفة أو دار مطبوعات ، و إنما يحتاج وسيلة آمنة و موثوقة تضمن للباحث حقوقه الفكرية و تحميه من السرقة , و قد انتشر العديد من وسائل النشر العلمي التي لجأ إليها الباحثين دون التأكد من قابليتها أو موافقتها ومطابقتها لأساسيات النشر العلمي .
و ظهر لاحقاً وسائل نشر محكمة و رصينة قدمت الاحتياجات و دعمت البحث العلمي من أهمها المجلات العلمية المحكمة و التي ظهرت حينها بشكل مطبوع , و حالياً تحول بعضها ليصبح بشكل إلكتروني إضافة إلى لشكلها المطبوع ، و بذلك قد سهلت على المهتمين النشر في أي وقت و من أي مكان .
لذا على الباحث التعرف على أساسيات النشر العلمي و مدى توافق المجلة مع اختصاص دراسته و الأهداف التي ينوي تحقيقها قبل الشروع بتقديم أوراقه البحثية للنشر فيها .
توجد العديد من المجلات العلمية المحكمة سواء المحلية أو الدولية , و كذلك المجلات العلمية المختصة في مجالات دراسة محددة ، إضافة إلى المجلات العلمية المحكمة التي يتم النشر فيها وفقا للغة أو لغات معينة ، و نتيجة لهذا الوجود للمجلات العلمية المحكمة و التنافس بينها ، تسارعت هذه المجلات لتطوير نفسها سواء من خلال مواكبة التكنولوجيا و وجودها بالقريب من الباحثين عبر المواقع الإلكترونية ,أو عن طريق تخصيص كادر للتواصل مع الباحثين و متابعة مشاكلهم و تقديم النصائح ، أو بواسطة تحقيق اعتمادات دولية و علمية ترفع من شأنها و تجذب الباحثين إليها مثل وجود امتيازات عالمية باسمها من ناحية الجودة و الأداء , و تضمينها في قواعد بيانات مفهرسة عالمية مثل سكوبس و isi، و التي ساعدت الباحث بالتعرف على المجلة و على ميزاتها و الوصول إليها بسرعة و إدراك ، كذلك ساعدت معاملات القياس التي توضحها المجلة في ملفها التعريف بتسهيل المهمة أكثر، ومن أشهر عوامل القياس هذه عامل التأثير الذي يقيس نسبة عدد الاقتباسات من المجلة إلى عدد الأبحاث المنشورة فيها خلال فترة محددة .
كذلك قدمت المؤتمرات العلمية وسيلة آمنة و موثوقة للنشر العلمي، حيث وضحت أن من أهمياتها التركيز على أساسيات النشر العلمي لتحقيق كفاءة للأبحاث المنشورة في جدول أعمال المؤتمر، و تعتمد عملية النشر فيها على تقديم الأوراق البحثية إلى اللجان المختصة و المسؤولة عن إعداد المؤتمر و التي تقوم بدراستها تبعا لقواعد الأبحاث في المؤتمر , و في حال الموافقة يقوم الباحث بطرح فكرة ملخصة عن دراسته ، و تقوم لجان المؤتمر المختصة بالنشر بوضع البحث في جدول الأعمال أو إرساله إلى أحد المجلات العلمية المحكمة المتعاقدة معها لتقوم بمراجعته ونشره .
تقوم وسائل النشر السابقة بدراسة البحث المقدم لها و على اللجان المختصة معرفة أساسيات النشر العلمي و مدى توافق البحث معها، ومن ثم تحكيمه و مراجعته من قبل محكمين مختصين في النشر العلمي ، و تعتبر عملية التحكيم الشي الأهم للباحثين و المميز في هذه الوسائل , فهو الذي يضمن للباحث توثيق بحثه و حماية من التزييف و السرقة ، كذلك تضمن تقديم بحث متكامل موافق للشروط و الضوابط العلمية التي تعتمد عليها أساسيات النشر العلمي من حيث أصالة البحث و جودته و الفوائد التي يحققها ، كذلك تتضمن شروط و أساسيات النشر العلمي أن يكون البحث مكتوب بطريقة علمية و خالية من الأخطاء سواء العلمية أو اللغوية ، بالإضافة إلى الحفاظ على تنسيق متوافق مع القوالب التي تحددها المجلة العلمية أو وسيلة النشر المتبعة ، من حيث الهوامش و حجم و نوع الخط و ترتيب الجداول و الصور و ذكر المراجع و المصادر التي تم الاستعانة بها ، بالإضافة لكتابة عدد محدد من الصفحات و تضمين ملخص للبحث باللغات المطلوبة و عدد كلمات معينة ، إضافة لذلك على الباحث كتابة و ذكرت الطرق المتبعة في الدراسة و القياس و الطرق الإحصائية و تقسيم البحث حسب شروط البحث العلمي و أساسيات النشر العلمي .
مما سبق نجد أن عند تقديم الأوراق الدراسية على الباحث التأكد من كون دراسته منطقية و ذات منفعة اجتماعية واختيار مجلة مناسبة للبحث الذي ينوي تقديمة حسب الاختصاص و مدى الأهمية، و على الباحث مراجعة البحث و دراسة شروط و ضوابط المجلة ، و إرفاق التعهدات و إخلاء المسؤولية معه ، والتعرف على هيئة التحرير و التحكيم المسؤولة عن النشر، وذكر بيانات الباحث الشخصية و طرق التواصل معه .
نتمنى أن نكون وفقنا في تقديم هذا المقال عن أساسيات النشر العلمي