كما هو معروف في الدراسات و المشاريع البحثية يتم استخدام عدد من الطرق و الأساليب وصولا للنتيجة و التي تسمى أدوات البحث و يتم كتابة البحث وفق منهجية منظمة و متسلسلة تطابق متطلبات البحث العلمي ، كذلك يتم الاعتماد على جملة من مناهج البحث الشهيرة في عمليات الدراسة , و التي تؤدي الغرض و تسهل على الباحث خطته البحثية ، حيث يقوم الباحث باتباع منهج محدد متسلسل منذ بداية دراسته و حتى تحديد الحلول لظاهرة أو المشكلة العلمية , معتمدا عليه في الملاحظة و التحليل و التنبؤ، و هذه المناهج متعددة و كل منها له أسلوب مميز و البعض منها يمكن أن يكون متداخل مع غيره حسب نوع البحث و التخصص , و من أهم هذه المناهج و الأكثر اعتماداً المنهج التحليلي و المنهج الوصفي و المنهج المقارن المنهج الاستقرائي و التاريخي ، وفي هذا المقال سنتحدث عن المنهج المقارن و الخطوات التي يسلكها و الأهداف التي يخرج بها .
* المنهج المقارن
من تسميته يمكن التعرف على وظيفته و الغاية التي يقوم بتأديتها ، فالمقارنة قد تكون على أساس المشكلة أو الحل أو الأدوات المتبعة أو قد تكون مبنية على أساس عينة ما مستخدمة في الدراسات أو على حساب الدراسة ككل , و الغاية من استخدام هذا المنهج هي بسط خصائص كل من الأشياء أو البيانات التي نريد مقارنتها و تحديد سبل التلاقي و القواسم المشتركة و أوجه الاختلاف .
و المنهج المقارن يعتبر من المناهج القديمة المعتمدة في عمليات البحث العلمي , و هذا المنهج يدخل في كل تفصيل فقد تم اعتماده في الكثير من العمليات البحثية التي اعتبرت فتحاً علمياً جوهرياً ، و التي كان ناتجها تقسم البشرية إلى فئات و عقليات ، و المناهج البحثية أصلاً قائمة على أساس مقارنة ، والعديد من العلوم و الدراسات تعتمد المنهج المقارن في دراسة مشكلاتها و منها علوم القانون و اللغة و العلوم التطبيقية والاجتماعية .
و يمكن تعريف المنهج المقارن أيضا بأنه أحد الأدوات المستخدمة في الأبحاث القائمة على مجموعة من المقارنات في مختلف المجالات و الاختصاصات وصولا لاستخراج مفاهيم جديدة ، و تدل الدراسات على أن تاريخ المنهج المقارن يعود إلى الفكر السياسي الإغريقي و الذي اعتمده أرسطو في أبحاثه و نظرياته الاجتماعية و الإنسانية و الفلسفية ، حتى أصبح اليوم أحد المناهج المتبعة في علوم الاجتماع , فقد يعتمد في الأبحاث القائمة على دراسة بيئة أو وسط اجتماعي و مقارنة الظواهر و تحديد النتائج على أساسها .
* فالمنهج المقارن هو الطريقة المتبعة من قبل الباحثين لتفسير و تحليل الظواهر المتشابهة من حيث تعريف كل منها و تحديد أوجه التماثل و التمايز بينها من أجل الوصول إلى نتيجة مرضية و حقيقة علمية .
* فوائد المنهج المقارن :
- معرفة جزئيات الدراسات أو المشاكل التي تم مقارنتها تساعد الباحث في رفع قدراته على تفسير الظاهرة و إيجاد حل لها .
- المساعدة في الفهم من خلال تجزئة كل مشكلة و الأسباب و الأدوات و النتائج و بالتالي تسهيل التعرف عليها .
- استنتاج العلاقات بين الظواهر و المشكلات من خلال العلاقات المقارنة .
- دراسة حيثيات العينة و معرفة كافة جوانبها و ميزاتها و استثناءاتها .
- يعتبر بديلا للتجريب في العلوم التطبيقية .
- توضيح الميزات و العيوب لكل ظاهرة أو حدث أو عادة اجتماعية و سبب كل منها .
* مساوئ و مصاعب المنهج المقارن
- صعوبة تحديد سبب المشكلة اعتمادا على النتيجة فقط ، فبعض النتائج تكون محض صدفة .
- عدم وجود عامل واحد مشترك بين العناصر المقارن بها مما يصعب العملية و خاصة في حال التداخل بين العمليات .
- اختلاف الفترة الزمنية لحدوث الظواهر و الذي يؤثر على نتائجا و بالتالي عدم مثالية مقارنتها .
- صعوبة فصل بعض الدراسات عن المجتمع و تجريدها من المؤثرات ليتم دراستها و مقارنتها كما في الدراسات و الأبحاث الاجتماعية .
* و يقوم التحليل المقارن على أساس عدد من الحالات على حسب حالة المتغيرات كالتالي :
- مقارنة مشكلة واحد ذات مسبب واحد في عدة ظروف أو مجتمعات .
- ظاهرة أو مشكلة مع نظيرتها في مجتمع واحد .
- مقارنة عدة ظواهر أو متغيرات في مجتمع واحد ، وهي ذات صعوبة قليلا على الباحث .
- مقارنة عدة مشاكل أو متغيرات مع بعضها في عدة مجتمعات و هي من أصعب حالات الدراسة في الدراسة المعتمدة على المنهج المقارن .
* خطوات المنهج المقارن
- تحديد مشكلة الدراسة
~ على الباحث تحديد الهدف أو الظاهرة التي تقوم عليها الدراسة من كافة جوانبها ، و دراسة و التعرف على الموضوع المنهجي و أخد عينة و إجراء المقارنة عليها .
- تحديد الفرضيات و المفاهيم
~ و فيها يقوم الباحث بتحديد جملة من المفاهيم التي تحوي على نقاط متماثلة و نقاط اختلاف تبعا لمقياس محدد يختاره الباحث قد يكون عادة اجتماعية أو علاقة إنسانية ، و صياغة الافتراضات بدقة لتحديد الأفضل .
- التفسير
~ هي المرحلة الأهم في المنهج المقارن ، ففيها يقوم الباحث بتفسير النتائج التي توصل إليها من عمليات المقارنة التي أجراها ، و هذه المرحلة تعتمد على فهم الباحث أو الطالب للبيانات التي توصل إليها من عمليات المقارنة المذكورة و التي أدت للوصول إلى التعريفات المساعدة .
* النتائج
هي خلاصة أو جملة النتائج التي توصل إليها الباحث من خلال العمليات السابقة من دراسة فرضيات و بيانات و مقارنة و تفسير، و هذه النتائج هي الأساس الذي يعتمد عليه الباحث في نشر دراسته بعد التأكد من صحتها و جودتها العلمية .
يتميز المنهج المقارن أنه يعتبر منهج متداخل في مناهج البحث العلمي ، فلا يمكن المقارنة دون تحديد الفرضيات أو المشكلات و التي تتطلب منهج آخر في الدراسة للقيام بها مثل استخدام منهج وصفي أو تاريخي مثلا أو منهج استقرائي.
* يستخدم المنهج المقارن وفق مجموعة من الطرق و التي تتبع للعوامل المشتركة و المسببات مثل :
- طريقة الاتفاق و التي تستخدم في حال وجود عامل واحد مشترك , و الذي كان سبب رئيسي في حدوث المشكلة .
- طريقة الاختلاف و الذي يعني اتفاق جميع مجموعة الدراسة مع بعضها عدا مشكلة واحدة مختلفة .
- الطريقة المشتركة و التي تجمع بين الطريقتين السابقتين .
- طريقة التفاوت النسبي و التي تعتمد على علاقة سبب الظاهرة بمسبب حدوثها .
نتمنى أن نكون في هذا المقال قد قدمنا فكرة جيدة عن أهمية المنهج العلمي و المنهج المقارن في هذا المقال .