عملية البحث في موضوع معين تقوم على مجموعة من الأدوات و المعايير مجتمعة بهدف إيجاد حلول للتساؤلات و المشاكل التي تواجه البشرية , و الحصول على مفاهيم جديدة و تطوير مفاهيم اجتماعية و علمية سابقة أو التعديل على نتلئج قديمة ثبت عدم صحتها ، و يعتمد البحث العلمي على مجموعة من الأدوات و الأساليب التحليلية في الدراسة ، و كذلك يقوم البحث على عدد من الخطوات المتسلسلة و المنظمة و المعتمدة على تقنيات و دراسات خاصة و التي غدت في أيامنا هذه على شكل برامج محوسبة يتم تقييم نتائجها مباشرةً .
و كتابة بحث علمي بطريقة منهجية هي من الشروط التي تضعها المجلات العلمية المحكمة و وسائل النشر العلمي الأخرى على الباحثين و المفكرين من طلاب و أكاديميين و خبراء في مجال البحث و المتقدمين للنشر فيها لضمان جودة أبحاثهم ، و على الرغم من تعدد المناهج العلمية المتبعة في الدراسات إلا أنها تتشارك و تتشابه فيما بينها و خصوصا من حيث السلاسة و الموضوعية و المرونة ، و تتيح مناهج البحث العلمي على كافة أوجهها تبادل المعرفة و التعريف بالخبرات و الاهتمامات و آخر الاكتشافات ، و التنبؤات بالاكتشافات و الظواهر المستقبلية و من أهم هذه التصنيفات :
- المنهج التحليلي.
- المنهج التجريبي.
- منهج الدراسات المسحي.
- المنهج التاريخي.
- المنهج الفلسفي.
- المنهج الاجتماعي.
- المنهج الإبداعي.
كل من هذه المناهج السابقة له أهمية كبيرة في عمليات البحث العلمي , و لا يمكن القول أن أحدها أفضل من الآخر و لكن يمكن القول أن منهج مناسب بالنسبة لنوعية بحث أكثر من غيرها ، و يعتبر المنهج الوصفي مثلا من المناهج الأساسية , فهو يرتكز على توفير معلومات كافية عن الموضوع المراد البحث فيه و تحليل أسبابه من أجل الحصول على نتائج علمية و موضوعية ، و كذلك الأمر بالنسبة لباقي المناهج البحثية المتبعة ، وفي هذا المقال سنتحدث بشكل مفصل أكثرعن المنهج التحليلي .
المنهج التحليلي واحد من أهم و أكثر مناهج البحث العلمي استخداما و المعتمد على عمليات تحليل البيانات المتوفرة عن المشكلة للوصول إلى أفضل الحلول الممكنة أو المحتملة.
يعتمد الباحث في المنهح التحليلي على استخدام عدد من الأساليب و الطرق في فصل المشاكل و تحليلها و من ثم تقويمها، و العلوم الاجتماعية و الشرعية من أكثر العلوم اعتمادا على المنهج التحليلي في تحليل الدراسات.
* عمليات و أساليب المنهج التحليلي
تقسم العمليات التي يقوم عليها المنهج التحليل إلى ثلاث :
- التفكيك : تسمى هذه المرحلة أيضا بالتجزئة فهي الأساس الذي تقوم عليه ، و ذلك من خلال تجزئة و تفكيك و تقسيم المشكلة إلى وحدات أساسية يتم خلالها شرح الموضوع و وصف المشكلة و تحديد المسببات و مناقشتها و وضع مقارنات مماثلة , و بسط هذه المشكلات بهدف إيجاد الحلول لها .
- النقد : تعتبر هذا المرحلة جوهر المنهج التحليلي , و يتم فيها شرح وجهة نظر الباحث حول مشكلة البحث و الحلول المتوقعة ، و الأهمية تكمن في تلخيص الدراسة وفقا لتاريخيها و أثرها الاجتماعي و مدى مواكبتها و توضيح سلبياتها و قابلية التعديل و الإضافة.
- التركيب و الاستنتاج : و هي المرحلة الأخيرة من المراحل المحورية في عملية المنهج التحليلي . و في هذه الطريقة يتم تلخيص الدراسة و النتائج التي توصل إليها الباحث من دراسته و الفرضيات التي وضعها و التي يمكن اعتمادها مستقبلا ، وهذه النتائج يجب أن تتمثل بالدقة و الوضوح و قابلية التنفيذ ، و ألا تكون مجرد تنبؤ أو غير مدعومة بالبراهين و هذا ما يميز المنهج التحليلي.
يعتبر المنهج التحليلي مميز كونه متعلق ببعض المناهج البحثية الأخرى و يعتبر عامل مؤثر فيها و من أهم هذه المناهج :
- المنهج الوصفي التحليلي : يقوم المنهج الوصفي أصلا على تحليل المشكلات , كما ذكرنا سابقا و ذلك عن طريق ملاحظة الحدث أو المشكلة و وصفها و تحديد ماهيتها من خلال التحليل الدقيق لتواجدها و مسبباتها و وصفها بشكل دقيق و على هذا الأساس يتم وضع الخطة الدراسة و تحديد الأدوات و الوسائل التي سيتبعها في دراسته للخروج بحلول مرضية لمشكلة البحث.
- المنهج الفلسفي التحليلي : كما ذكرنا سابقا فإن المنهج التحليلي مستخدم في عمليات البحث المتعلقة بالدراسات الاجتماعية و التي تعتمد على معرفة و تحديد القضايا المتعلقة بالمبادئ و السلوكيات التي تتبع للتصرفات و العقليات البشرية، و هو منهج متبع بكثرة في الدراسات الأدبية و الحقوقية أيضا، و مبدأه قائم على دراسة الصفات و السمات المعنوية التي لا يوجد طرق محددة لقياسها مثل الإنسانية و الأخلاق و الشر و الخير.
- المنهج التحليلي المقارن : و يعتمد على دراسة الظواهر و المشاكل المماثلة و مقارنة المسببات لكليهما و الاعتماد على الطرق المتبعة في الدراسات السابقة و محاولة تطويرها و معرفة أوجه الشبه و المقارنة بالنتائج و الاستفادة من التوصيات.
- المنهج الاستكشافي التحليلي : يعتمد فيه الباحث على الاستكشاف و البحث عن كل ماهو جديد في مجال بحثه ، و يقوم هذا المنهج على تحليل الظواهر القائمة على الإبداع و الاختراع و الاستكشاف المتجدد.
وهذا قائم على التجربة وتصحيح الخطأ إلى أن يصل الباحث إلى النتيجة الصحيحة والدقيقة.
مما سبق يتضح لنا ان المنهج التحليلي في البحث العلمي يعتمد على تصنيف وتقسيم كل أجزاء المادة العلمية المكونة للظاهرة محل البحث ومن ثم تقديم الإثبات والبرهان والدليل الذي يكون دوره العمل على إعطاء الفكرة أو الرأي الذي توصل إليه الباحث إلى القراء المهتمين بمجال البحث , وذلك يكون عادةً في مجال العلوم الشرعية والحديث والفقه المقارن وبقية الفروع الشرعية وكذلك يرتبط المنهج التحليلي بالبحث في العلوم الإنسانية المختلفة .
يقوم المنهج التحليلي على جملة من الأدوات و هي أداة البحث في أي قضية علمية ، وتختلف هذه الأدوات تبعا للمشكلة و لكنها في المجمل تقوم على نفس المستوى البحثي و بنفس الأسلوب من تجميع للبيانات و دراستها بشكل منفصل و تحليلها و تقديم الحلول المبدئية و التساؤلات و استخدام الطرق المعتادة في البحث وصولا لتحقيق نتائج مرضية .