تسهيلا للعملية البحثية في شتى المجالات يتم اتباع مناهج البحث العلمي و التي تقود الباحث للوصول إلى نتيجة مرضية ، و إن صح التعبير الوصول إلى النتيجة الأفضل اذا اتبع الباحث المنهج المناسب أو مجموعة من المناهج المختلطة التي تناسب نوعية الدراسة ، فالمنهج البحثي قد يتبع لنوعية الاختصاص علمي أم أدبي و لدرجة الدقة و العمق في الدراسة و الأدوات المتاحة للباحث لاتباعها ، و في العديد من النواحي البحثية الأدبية و العلمية يعتمد الباحث على المنهج التحليلي كخير انطلاقة لهم في الدراسة.
يتميز المنهج التحليلي بصورة عاملة بالتغلغل في عمق الموضوع و تحليل جميع الجوانب نحو صوله لهدفه الأهم و تقديم أفضل النتائج التي يمكن الوصول إليها، يهم الباحثين في مختلف المجالات بقيام أبحاثهم وفق المنهج التحليلي و خاصة في ما يتعلق بالدراسات في علوم القانون و دراسات آداب و علوم اللغات بمختلف مستوياتها و أشكالها ، و التي من الممكن أن تقوم على منهاج بحث أخرى و لكن المنهج التحليلي يعتبر على رأسها، فهذه العلوم تتطلب منهج قائم على تحليل المعطيات و تفسير الظواهر و المتغيرات و تركيب العمليات المجتمعة و الفرضيات و تقويمها و تقديم نقد لدراسات سابقة و ظواهر مشابهة و دراسة أبعادها و تقييمها .
و المنهج التحليلي هو منهج بحث ذات منطق قائم في أساسه على التحليل و الذي يعد ميزة خاصة و تفرد لكل باحث في بناء دراسته حسب منطلقه , اعتمادا على تحديد مجموعة من العوامل و المؤثرات و وضع الفرضيات الملائمة بالدراسة و تحليلها بشكل متناسب مع الدراسة الموضوعة ، و يمكن تقسم المنهج التحليلي من حيث نوع الدراسة إلى شقين رئيسيين :
- المنهج التحليلي النظري و المتبع من قبل الباحثين في مجالات العلوم النظرية و الخالية من الآثار العلمية العملية و الخاصة بالمجتمع مثل بعض العلوم الإنسانية و الاجتماعية و عدد من العلوم السياسية و على رأسها علوم القانون من خلال دراسة المشكلة و تبيان حيثياتها و تحليلها وصولها إلى حلول منطقية و حقيقية.
- المنهج التحليلي التجريبي و الذي يحمل بين طياته العلوم و الدراسات التي تنشأ من التجربة و تأثيرات المتغيرات حولها عمليا ، كالعلوم الخارجة من المخابر كالكيمياء و الفيزياء و علوم الأحياء الدقيقة و الطبيعة بكل ما تحمله من علوم.
المنهج التحليلي قائم على تصنيف البيانات وتبويبها حيث يتم تحليل المعطيات و الفرضيات من حيث الشكل ثم الاتجاه نحو المضمون و يعتمد في الأوراق البحثية على تكرارات ظهور المعاني التحليلية من خلال الجمل و المصطلحات العلمية التي فصلها الباحث من خلال توزيعها إلى فئات تحليلية.
من أهم ما يميز المنهج التحليلي هو الموضوعية و المنطق في البحث وصولا لنتائج دقيقة الحقيقية التي يسعى لها البحث ، فاتباع المنهج التحليلي يقود لنتائج صادقة و ثابتة قابلة للنشر للعامة للاستفادة منها في حل مشاكلهم و الاعتماد عليها في دراسات أخرى .
المنهج التحليلي هو منهج منتظم يعتمد على تحديد الكم و الكيف لكل فقرة بحثية بشكل موضوعي بحيث يمكن الحصول على نفس النتائج في حال تم دراسة الموضوع مرة أخرى بنفس الأدوات و الطرق ، أي ثبات النتائج مع اختلاف الزمان و المتغيرات المحيطة.
مضمون الدراسة المتبعة للمنهج التحليلي مرتبط بالنتائج الوصفية و النظرية للظاهرة ليتم تفسيرها من قبل الباحث.
* عمليات المنهج التحليلي :
يقوم المنهج التحليلي على جملة من العمليات الهامة في دراسة موضوع مشكلة أو ظاهرة كما ذكرنا سابقا ، و هذه العمليات هي :
- النقد
يتفرد المنهج التحليلي بعملية النقد كأحد أساسياته، و تتفرع هذه العملية لنقد المشكلة و موضوع الدراسة من جهة من خلال تحديد جوانب القصور و الأخطاء المرتكبة و المؤثرات المتعلقة بها و الأسباب المترتبة وراءها ، و قد يكون هذا النقد تجاه دراسة أخرى قامت في نفس الموضوع لبيان جوانب الخطأ فيها و تصحيحها حسب الأدلة المتوفرة ، و هذا النقد ليس بالضرورة أن يكون سلبي بل قد يكون بناء لإظهار بعض النقاط و مواضع القوة و الضعف فيها و جوانب الجمال و كأن يكون تجاه أحد القوانين و سلبياته أو بعض جوانب الأدب المختلفة .
- التفسير
يسرد الباحث و يقدم مجموعة من الفرضيات و البيانات في العديد من الجوانب الهامة في موضوع الدراسة ، و من خلال عملية التفسير يتم إيضاح و شرح الجوانب المبهمة و كشف الغموض عنها، و تفسيرها وفق حجج منطقية بشرط دقتها و صحتها ، و يعتبر التفسير من أهم عمليات المنهج التحليلي و الأكثر حاجة للانتباه من قبل الباحث ، و الكثير من المواضيع البحثية المرتكزة على المنهج التحليلي في الاختصاصات الأدبية تتضمن دراسات حول بعض جوانب الغموض في يعض التعابير و المصطلحات و الآداب لتقديم شكل قريب لعقل القارئ.
- الاستنباط
أحد أهم العمليات ليس فقط في المنهج التحليلي بل في أي بحث قائم في جميع المناهج، فهو عملية مرتكزة على العقل و الفكر العميق للوصول إلى تفاصيل دقيقة و عميقة حول جميع نواحي البحث العلمي لوضع نتائج لا يمكن التشكيك بصحتها أو انتقادها من خلال القوانين و الضوابط التي يضعها و يتوصل إليها.
يتم في هذه العملية تجميع التفاصيل و الجزيئات الصغيرة و وضعها تحت عنوان موحد يجمعها ككل، و يتم من خلال التفكير و التأمل، و الاستنباط عملية هامة مستخدمة في دراسات العلوم القانونية و اللغات و آدابها و دراسات النقد، و يقسم الاستنباط إلى نوعين رئيسيين :
- الاستنباط الجزئي للحصول على معلومات جديدة في أحد مجالات العلوم الجزئية.
- الاستنباط الكلي هو تركيب نظرية علمية مستحدثة نتيجة اجتهاد الباحث و خروجه بدراسة أو معلومة مبتكرة غير مسبقة.
- التركيب
و هو الاستنتاج الذي يصل إليه الباحث من خلال عمليات التحليل، و البعض يسموه استنباط ، و يتمثل في تركيب المفاهيم و بسط النتائج و التي قد تغدو نظريات مستقبلية.
* خطوات المنهج التحليلي
- تحديد موضوع و مشكلة البحث الذي سيقوم به الباحث و يعمل عليه و الذي يكون قد استوحاه من نتيجة مشكلة تواجهه أو قضية حدثت بالصدفة.
- وضع الفرضيات و القائمة حول موضوع الدراسة و المتعلقة بالمتغيرات التي تؤثر على موضوع الدراسة.
- تحديد المكان و الزمان لموضوع الدراسة و التي قد تتناسب و مجريات المجتمع و الفترة الزمنية للدراسة و مشكلة البحث.
- تحديد عينات الدراسة و المتأثرين بها و المتغيرات الديمغرافية لهم.
* ميزات المنهج التحليلي
- تقديم تفسير واضح للمصطلحات و المعاني و القوانين أو ما يتخلل الدراسة من تعقيدات.
- يقدم نقد للظاهرة و قد يكون نقد إيجابي أو سلبي و هو هام في عمليات التحليل للتعرف على أهم نقاط الضعف و القوة في الدراسة و عكس الجماليات.
- تقديم استنباطات نابعة من فكر الباحث و إبداعاته و الخروج ببعض النظريات التي يمكن الاعتماد عليها لدقتها و المنطق فيها .