تطورت علوم النفس كثيرا مع التطورات و التغيرات التي أحاطت بجوانب و مرافق الحياة ، فهو علم مرن متفرع و غير جامد ، فعلى الرغم من التزامه ببعض الأساسيات في أي مجال و أي فرع من فروعه إلا أن يقدم على الدوام أفكار حديثة تناسب عصره ، و هذا ما نراه واضحا في العديد من فروعة بشكل عام و في علم النفس التربوي على وجه الخصوص.
و علم النفس التربوي هو أحد أهم فروع شجرة علم النفس و الموجه باتجاه السلوك البشري كقاعدة أساسية غير قابلة للتغير و في اطر التعليم و ميدان التربية بشكل خاص ، و يزود المختص به بالمفاهيم الضرورية و المبادئ العام التي يجب السير عليها في عملية التعليم بشفيها النظري و العملي و بهدف رفع كفاءة المتعلمين و الرقي بالمستوى التدريسي و النهوض بجيل كفؤ في مختلف المجالات.
يركز علم النفس التربوي على عملية التعليم كمحور رئيسي فهي اهتمامه الأول ، و لكن لا تقف عند هذه الاهتمام و الذي يعتبر أساسي لجميع المختصين في العلوم التربوية بل يعلو ذلك ليحقق أهدافه ، فالمختصين في علوم التدريس و التربية يركزون على أمور عدة من العوامل المؤثرة على جودة السلك التعليمي و طرق عرض المعلومات و اكتسابها و الوصول للمعارف و الحقائق لدى المتعلم ، إضافة لحل مشكلات التعليم و رفع القدرات التعليمية، و دراسة المؤثرات على عملية التعليم و توجيه المتعلم نحو تحقيق غايات و أهداف معينة.
أما بالنسبة للمختصين في علم النفس التربوي فأولى اهتماماتهم هو السلوكيات داخل اطار المدرسة و الصف ، مهتمين بقضايا المعلم و المتعلم و واجبات كل منهما و احتياجاته و التواصل بينهم.
حيث يركز الدارس و المختص في علم النفس التربوي أيضا على نوعية التعليم و المناهج التعليمية التي تترافق و الخصائص الديمغرافية للطلاب و مستواهم العلمي و اختيار أفضل المناهج لتحقيق أفضل تعلم ممكن و متابعة اهتماماتهم و الدوافع لدى كل منهم ، و السعي باستمرار لتطوير المواد و تحفيز الاهتمامات للمتعلمين ، كما و يهتم مختصي علم النفس التربوي بوضع خطط لبناء كادر تعليمي مميز و تدريبه باستمرار لتنمية قدراته على حل المشكلات الصفية و مواكبة المتغيرات و تعزيز المهارات للطلاب و إيجاد طرق تواصل مع الطلاب و خلق جو تفاعلي داخل الصف و ملاحظة الفروقات من إيجابيات و دعمها و من سلبيات و مساوئ و محاولة استدراكها للحفاظ على الانضباط و السلوك الصفي المميز.
مما سبق يمكن معرفة الفرق بين علم النفس التربوي و علوم التدريس و التعليم و فهم الدور الجوهري لعلم النفس التربوي في تنمية و تنشيط عملية التعليم و دوره في تحقيق الأهداف و الأهميات التعليمية من خلال وضع الخطط و آلية عملها و التركيز على عمليات التواصل و خاصة في زمن تعددت و تنوعت وسائل التواصل فيه و أصبح من اللازم فهمها و دراستها و تطبيقها على التنوع الفردي الموجود ، و من أهم الجوانب التي يهتم بها علم النفس التربوي:
- أهداف و نواتج عملية التعليم: حيث يعرف علم النفس التربوي المعلمين بأنواع التعليم و أهم أهدافه و الخطط التي يجب العمل لتحقيقها خلال عملية التدريس الصفي و الاختبارات.
- طريقة التدريس و هي من الأسس التي يعمل المختصين في علم النفس التربوي على تحقيقها في مجال التعليم لإيجاد أفضل الوسائل و الأساليب الممكنة و تدريب المعلمين عليها، و يركز علماء النفس التربوي في هذا المجال على عدم التعميم و الثبات لطريقة التدريس، بحيث يتم اعتماد أسلوب محدد و مرن بنفس الوقت لكل مادة تدريسية، و التركيز على توافق هذه الطريقة التعليمية مع خصائص الطلاب الديمغرافية من العمر و الجنس و الخواص العقلية و مستوى التفكير لديهم و قابليتهم للمتغيرات، فاتباع طريقة واحدة في التدريس ستقود حتما لنوع من الروتين الذي يفقد الطالب تركيزه و يضعف لدية الشغف في التعليم و يخفف الدافع.
- التعليم داخل الصف من مجالات علم النفس التربوي في معرفة أنواع التعليم و خلق قوانين محددة للصف و فرضها للمحافظة على النظام داخل الصف و دعم عمليات التعلم و التعليم و دفع عجلة النشاط العلمي الصفي.
- احتياجات المعلمين من مجالات علم النفس التربوي و اهتماماته، فهو يهتم بالمعلم و الذي يعتبر الأساس في نجاح العملية التربوية، لذا يدرس المختصون حاجيات المعلمين و ميولهم و النقاط التي من الممكن أن تزيد الدوافع لديهم وفقا لخصائهم الاجتماعية و العمرية و المستوى العلمي الذي هم فيه.
- الدافع للتعلم لدى الطلاب و الاهتمام لديهم و المواضيع التي تشغل تفكيرهم و استغلالها ، و تعريف المعلم بكل منها لتوجيهه نحو تنويع أسلوبه و الانتباه للطلاب و العناصر المؤثرة بهم.
- التقويم يخصص علم النفس التربوي جزء كبير من اهتماماته لعملية التقويم على المستوى الصفي و المدرسي و التي يجب أن تتناول ظروف المعلم و المتعلم بشكل يوم و على مدار السنة ، و هذه الوسائل التقويمية هي مسؤولية الإدارة و المخططات التي تضعها و القرارات التي تتخذها ، و هي معتمدة على معرفة كل ما سبق و هي التي تقود نحو تحقيق نتائج فعالة في عملية التعليم.
لذا يعتبر علم النفس التربوي من التخصصات الأساسية اللازمة لتدريب و تأهيل المعلمين وتأهيلهم و تزويدهم بالأسس والمبادئ التربوية و النفسية لنقلها إلى الجو الصفي، فهو يوفر مبادئ تفيد في معالجة كافة المشكلات و تخطي العقبات التي تواجه عملية التدريس و ترشد المدرسين و تعطيهم مزيد من الحكمة و الكفاءة، و معرفة كافية بالوسائل والأساليب و الطرق التدريسية الحديثة.
المهمة الجوهرية لهذا العلم هي تزويد المعلمين وغيرهم من العاملين في ميادين تعديل السلوك الإنساني بالمبادئ النفسية الصحيحة التي تتناول مشكلات التربية ومسائل التعلم المدرسي والنمو المعرفي و الجسداني و السلوك الانفعالي و آلية التفاعل الاجتماعي داخل الصف بين الطلاب من جهة و بين الطلاب و المعلم من جهة ثانية و دراسة الصحة النفسية و مدى التوافق و التأقلم الاجتماعي و المدرسي.
و أهم الأهداف التي يسعى علم النفس التربوي لتحقيقها:
- الفهم لدى الطلاب و معالجة السلوكيات النفسية و الاجتماعية.
- التنبؤ بالتصرفات و السلوكيات التي قد يخرج بها الطلاب و تفاديها و وضع حلول سريعة لها.
- الضوابط و السيطرة على السلوكيات و التحكم ببعض المتغيرات المؤثرة على ظاهرة ما و التي تعتبر ليست سهلة في هذا المجال.