في عصرنا الحالي تطورت وسائل التواصل الاجتماعي بين البشر تطوراً هائلاً بقدر التطور التكنولوجي والصناعي والعلمي الذي وصلت إليه البشرية، فبعد أن كان التواصل سابقاً يقتصر على اللقاءات والندوات والزيارات المتبادلة بين الأشخاص، أصبح التواصل حالياً يعتمد على التواصل المباشر القديم، والتواصل الإلكتروني الحديث المتمثل في وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، التي أنتجت ثورة بكل ما تحمله كلمة ثورة من معنى، وغيرت مفهوم التواصل الاجتماعي بشكل كامل، فأصبح الإنسان يستطيع التواصل مع الأشخاص الأخرين من المنزل، أو من أي مكان يكون فيه، وذلك عبر استخدام الحاسوب أو الهاتف المحمول.
وهذه الأهمية عكست بعض الإيجابيات والسلبيات على المجتمع البشري، وفي مقالنا هذا سنقوم بشرح أهميتها وأثرها المترتب على المجتمع البشرية الاجتماعية والنفسية.
بدايةً أهمية مواقع التواصل الاجتماعي تكمن بشكل رئيسي في سهولة التعامل بها، والوصول إلى المعلومات وتصفحها وإمكانية التواصل مع الأشخاص سواءً كانوا من نفس المكان أو من أمكنة مختلفة، والتواصل بغرض العمل أو التعارف أو لقضية مشتركة ما، فكما يقال العالم أصبح عبارة عن قرية صغيرة، هذه العبارة تلخص الحال الذي أصبحت البشرية عليه في عصر السرعة، ومواقع التواصل الاجتماعي الحالية والتي من أشهرها منصة الفيس بوك Facebookو Whats App و Instagram والتويتر Twitter Telegram وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.
ثانياً الإيجابيات التي قدمتها مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على العلاقات الاجتماعية:
إن التكنولوجيا الحديثة، ومن أهمها مواقع التواصل الاجتماعي، قد أدت بشكل ملحوظ إلى العديد من الأثار الإيجابية، والتي ساهمت بشكل ملحوظ في زيادة الرفاهية الإنسانية، والسهولة في التواصل والوصول إلى ما يريده الإنسان، ونستطيع تقسيم تلك الأثار الإيجابية إلى عدة نقاط رئيسية من أهمها:
1- التواصل السريع والسهل بين البشر، حيث أصبح بإمكان الشخص التواصل مع الأخرين مهما كانت المسافة والبعد الجغرافي الذي يفصل بينهم، ومن أي مكان يريد هذا الشخص سواء ً أكان في المنزل أو في سفر معين أو حتى في القطار وفي الحافلات أو أي مكان يريد الشخص التواصل منه عبر الولوج إلى الإنترنت واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر استخدام حاسوبه الشخصي أو هاتفه المحمول.
2- السرعة العالية في معرفة أخر الأخبار والتطورات مثل الأخبار السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكل ما يخطر في عقل الإنسان والتي تحدث في كل مكان على سطح الكوكب.
3- إمكانية التعلم والحصول على المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح بإمكان الأشخاص التعلم على تلك المنصات والوصول إلى أي معلومة يريدها بسرعة وسهولة، وتبرز أهمية التعلم على مواقع التواصل الاجتماعي بتعلم لغات جديدة عبر تصفح مواقع التواصل التي تستخدم تلك اللغة التي يريد الشخص تعلمها، أو التحدث مع أشخاص أخرين يتكلمون تلك اللغة.
4- القدرة على التواصل مع كم كبير من الأشخاص في وقت قصير، فمواقع التواصل الاجتماعي تتيح للأشخاص السرعة في التواصل وإمكانية التواصل الجماعي بين الأشخاص.
5- التسلية، فمن الممكن للمرء أن يحصل على وقت ممتع حقاً على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر متابعة الفيديوهات والأخبار المسلية، أو الدردشة التي تعتبر طريقة سهلة و مسلية للكثير من الناس.
6- القدرة على أبداء الرأي بسرعة وسهولة، والاطلاع على أراء الآخرين، فمنصات التواصل الاجتماعي تعتبر مواقع ذات شهرة كبيرة يستخدمها الملايين من الأشخاص حول العالم للتعبير عن آراءهم و مكنوناتهم وما يشعرون به.
7- أمكانية التسوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فبإمكان الأشخاص عرض منتجاتهم، أو الشراء عبر الولوج إلى الأنترنت، والبحث عن تلك المنتجات أو عرضها على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وقد لاقت هذه الفكرة رواجاً كليراً مؤخرا لدى كبرى الشركات العالمية بسبب قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على الوصول لعدد كببر من الأشخاص حول العالم، كما و تعتبر أقل تكلفة مادية من الإعلانات التلفزيونية.
8- تتيح منصات ووسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص التعرف على المجتمعات الأخرى، والمناطق الأخرى ذات العادات المختلفة واللغات المختلفة، والتعرف على أفكار جديدة قد تكون قيمة وتسهم في تطور الفرد والتطور المجتمعي.
ثالثاً السلبيات التي قدمتها مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على العلاقات الاجتماعية:
تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل أي شيء من إنتاج التكنولوجيا البشرية فهي تحتوي على الفائدة وتحوي بعض الأثار السلبية أيضاً والتي سنذكر أهمها فيما يلي:
1- التقليل من الحياة الاجتماعية الطبيعية للإنسان، فكثير من الناس أصبحوا عبداً للتكنولوجيا، والتي من الممكن أن تسبب الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعية.
2- الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى إسراف الوقت بشكل كبير، وإهمال الأشخاص لأعمالهم أو واجباتهم الشخصية ،ويظهر التأثير هذا جلياً على الطلاب الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لساعات طويلة ومدى تأثيرها على دراستهم.
3- الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يقلل من الخصوصية للأشخاص، وقد يسبب المشاكل لبعض الأشخاص من جراء ذلك.
4- هناك بعض الكذب الموجود على وسائل التواصل الاجتماعي، فبعض الأشخاص يقومون بالدخول إلى تلك الوسائل عبر حسابات وهمية أو مزورة لأهداف معينة، وانتشار كبير لقراصنة المعلومات الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي.
5- تقليل القيم المجتمعية والذي ظهر بشكل واضح مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة المحتوى الإباحي والجنسي الملحوظ مؤخراً.
أن ارتياد ودخول مواقع التواصل الاجتماعي له عدة أسباب ومن أشهر الأسباب التي تدفع الإنسان لدخول مواقع التواصل الاجتماعي ما يلي:
أولاً- الفراغ وسوء استغلال الوقت، فإن أوقات الفراغ تعتبر من أهم العوامل التي تسبب ارتياد الأشخاص لمواقع التواصل الاجتماعي، و الهدف منها هو إملاء هذا الفراغ عبر التواصل الاجتماعي، والذي يعتبر طريقة سهلة و مسلية في آن واحد، لما تملكه وسائل التواصل الاجتماعي من صور أو فيديوهات أو أخبار أو وسائل ترفيه، كما تتيح للأشخاص القيام بالمحادثات الكتابية والصوتية وإجراء مكالمات الفيديو، والبث المباشر.
ثانياً- عدم العمل والتواجد لفترات طويلة في المنزل تؤدي إلى زيادة تصفح وارتياد مواقع التواصل الاجتماعي.
ثالثاً- حب الاطلاع على ما ينشره الأخرين، فالكثير من الأشخاص يغلبهم الفضول على الارتياد المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة أخر الأخبار و التطورات بشكل مستمر، و الاطلاع على ما يقوم به الأشخاص الأخرين على تلك المواقع.
رابعاً- العمل الإلكتروني، حيث تشكل مواقع التواصل الاجتماعي فرصة عمل للكثير من الأشخاص، عبر القيان بالتسويق للمنتجات عبر تلك المواقع، أو عبر عرض خدماتهم وأعمالهم والإعلان عنها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
خامساً- التعارف فتعتبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي مكاناً مهماً ورائداً لتكوين صداقات و معارف اجتماعية جديدة، والتعرف على أشخاص جدد من جميع المناطق والجنسيات المختلفة، ويمكن أيضاً للشخص العثور على أشخاص يملكون نفس الميول والأهواء، وحتى من الممكن الزواج بين شخصين قد تعارفا على مواقع التواصل الاجتماعي.
فنلاحظ مما ذكرنا سابقاً وجود أثار جيدة وسيئة لوسائل التواصل الاجتماعي، التي يجب أن تستخدم بشكل جيد ومنظم ومدروس، وخصوصاً للأطفال فيجب على الأبوين مراقبة نشاطاتهم على تلك المواقع حتى تتم الاستفادة منها في التطور الإنساني وللابتعاد عن أثارها السلبية التي يمكن أن تكون مدمرة أحياناً.
نتمنى أن نكون قد وفقنا في هذا المقال بتبيان أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على العلاقات الاجتماعية.