العلم المتطور بسرعة والتبعيات المرتبطة به وما خلقته من آثار إيجابية وسلبية على المجتمعات كافة دفعت الباحثين في مختلف الاختصاصات لدراسة كل ما سبق على اختلاف الغاية التي سببت هذا الدافع، ولأهمية هذه الأبحاث كان لابدا من البحث عن طريقة أو وسيلة للنشر تحقق شروط الأمان والموثوقية وتحفظ الحقوق، وهذا ما نجده عند النشر في مجلات علمية محكمة للنشر العلمي أو من خلال المؤتمرات العلمية التي عادة ما تنشر في ملحقها الخاص أو من خلال تلك المجلات العلمية المحكمة المتعاقدة معها.
فمتطلبات الأمان والموثوقية كانت في السابق عائق كبير في طريق الباحثين الذين تراجعوا عن نشر أوراقهم البحثية خوفا من السرقة أو الانتحال من قبل آخرين، فهذا المجهود الذي بذلوه يستحق أن يدون بأسائهم ويحفظ حقهم الفكري به، فكان لظهور المجلات الهادفة لتحقيق المكاسب على حساب النشر العلمي أثر سلبي كبير ألحق بسمعة المجلات العلمية وثقة الباحثين، وهذا ما جعل من مجلات علمية محكمة للنشر العلمي بيئة آمنة وسليمة، فهذه المجلات بداية هي دوريات علمية غير وهمية مسجلة برقم تسلسلي يمكن معرفته من خلال بياناتها، تنشر هذه المجلات الأبحاث والمقالات العلمية والأوراق البحثية بشكل مستمر وبمواعيد منتظمة خلال السنة سواء بشكل شهري أو بشكل فصلي على سبيل المثال، كذلك هي مجلات علمية محكمة أي أنها تخضع لعملية مراجعة وتدقيق من قبل مجموعة من المحكمين الذين يتم تعيينهم من قبل المجلة حسب الاختصاص المعمول به، وهؤلاء المحكمين عادة هم أساتذة أو باحثين معروفين باختصاص الدراسة ويجب أن يتمتعوا بمجموعة من المواصفات والمعايير، فالمحكم يجب أن يتمتع بسمعة جيدة من الناحية العلمية والأخلاقية، كذلك يجب أن يكون لديه أسم كبير أو تاريخ طويل في مجال البحث العلمي، ومعرفة جيدة فيما يتعلق بالمعايير التي يتم تقييم البحث على أساسها، فلجنة التحكيم هي المسؤولة عن الموافقة أو رفض البحث للنشر في مجلة من مجلات علمية محكمة للنشر العلمي، فعلى المحكمين أن يتأكدوا من مدى أصالة البحث العلمي والفائدة التي يقدمها للمجتمع العلمي والبحثي، وأن يتأكدوا مدى توافق البحث مع شروط البحث العلمي وشروط المجلة العلمية التي يتقدم الباحث للنشر فيها، وما مدى صحة النتائج ودقتها وخلو البحث من الأخطاء العلمية والإملائية.
مما يزيد من موثوقية هذه المجلات هي التصنيفات التي تحصل عليها والتي يمكن أن نعدها امتيازات كبيرة في عالم النشر العلمي، فهذه التصنيفات خلقت ليتم التعريف بمدى موثوقية المجلة وقوتها وقابليتها للنشر فيها كجهة مسؤولة آمنة، فحصول المجلة مثلا على امتياز أو اعتماد ISIهو نقطة محورية لدى الباحثين، فهذا الاعتماد يفرض قيود على المجلات المصنفة ضمنه تساعد الباحثين على الاختيار المناسب، ناهيك عن الدلالات التعريفية التي تضعها على كل مجلة يمكن الوصول إليها من خلال فلترة قائمة البحث في موقع هذا التصنيف، فمثلا يمكن قياس قوة المجلة عبر معامل التأثير الشهير والدال على نسبة الاقتباس من المجلة المتضمنة في اعتماد isi، و نسبة الاقتباس هذه دليل على قوة الأبحاث المنشورة فيها ومصداقيتها وبالتالي ثقة الباحث بتحقيق غاياته من خلالها.
يبحث المهتمون بالنشر عن مجلة مناسبة للغة التي تم اعتماد الدراسة بها، فمجلات علمية محكمة للنشر العلمي لا تقيد الباحث عادة بلغة واحدة محددة بل تتيح النشر بأكثر من لغة وذلك طبعا حسب كل مجلة والمجتمع العلمي المستهدف، فالبعض من هذه المجلات يقدم إمكانية النشر بلغة واحدة اختيارية أو يلزم الباحثين بلغتين أو قد تكتفي المجلة بتقديم ملخص الدراسة بنسختين بلغتي الدراسة وتدوين الأوراق البحثية بلغة واحدة.
كذلك يهتم الطلاب والباحثون بمعرفة مجال النشر في مجلات علمية محكمة للنشر العلمي، فبعض الأبحاث تستحق أن يعرف العالم بها، فهي قد تكون موجه تجاه قضية عالمية تخدم المجتمعات كافة، والبعض الآخر من الأبحاث قد يكون محدد بشريحة محلية فلا يلزم النشر في مجلات دولية تكلف الباحث العناء والتكاليف المادية.
وتعتبر استمرارية النشر ضرورية للباحثين في تعزيز ثقتهم بالمجلة، فتاريخ النشر والإصدارات المنتظمة للمجلة دليل صريح على موثوقية المجلة وأهليتها للنشر.
تكاليف النشر تختلف من مجلة إلى أخرى وهذا عامل هام في اختيار المجلة لدى البعض من الباحثين والذين قد لا يكون بمقدورهم تحمل تكاليف النشر في بعض المجلات العلمية المحكمة، وتكاليف النشر هذه ليست بأرباح المجلة بقدر ماهي لتغطية تكاليف وأجور المحكمين واللجان العاملة ورسوم الاعتمادات والتصنيفات وغيرها.
مجلات علمية محكمة للنشر العلمي تفرض على الباحثين عدد من الشروط والتي من خلالها يتم ضمان جودة المجلة وسمعتها، وضمان جودة وقوة للأوراق البحثية المنشورة فيها فمنها ما يتعلق بأصالة البحث وجودة محتواه ودقته وخلوه من الأخطاء بكافة أشكالها، ومنه ما هو تعهدات للمجلة وللتعاملات بيم الباحث الناشر والمجلة، وغيرها من الشروط المتعلقة بتنسيق الأوراق من ناحية الخط والهوامش و ترتيب الجداول والصور البيانية والمراجع وعمليات التوثيق، وتركز مجلات علمية محكمة للنشر العلمي على كتابة البحث العلمي المقدم للنشر في هذه المجلات بطريقة منهجية علمية كالتالي:
- كتابة عنوان البحث العلمي بشكل ملائم متناسق ومعبر عن مشكلة البحث وحلولها.