المقارنة أسلوب متبع في الكثير من المواضيع والأمور المختلفة ومنها الدراسات الاجتماعية والإنسانية المختلفة وتفيد المقارنة في معرفة حيثيات الموضوع من خلال مقارنته مع المواضيع الأخرى المشابهة والتي تقلل من الوقت والجهد اللازم لإثبات هذه النتائج، ويعتبر المنهج المقارن من أهم مناهج البحث العلمي التي تعتمد على أسلوب المقارنة نفسه ولذلك سوف نقوم في هذا المقال بشرح كافة ما يميز المنهج المقارن في البحث العلمي بشكل عام ومستفيض.
المنهج العلمي
المنهج العلمي يعبر عن آلية سير العمل ضمن البحث العلمي وهو ما يحدد وينظم أفكار البحث وآلية جمع البيانات وكل ما يتعلق بخطوات البحث العلمي ،وتوجد مجموعة معروفة من مناهج البحث المتنوعة والتي منها على سبيل المثال المنهج التجريبي والمنهج التاريخي والمنهج الوصفي والمنهج المقارن وغيرها.
المنهج المقارن
يمكننا تعريف المنهج المقارن بأنه الذي يعتمد مبدأ المقارنة لدى دراسة المشكلات أو الظواهر العلمية من خلال دراسة ما يشابهها من مشكلات وظواهر علمية أخرى ودراسة الاختلاف والتشابه في ما بينها، وينتشر الاعتماد على منهج المقارنة العلمي منذ القدم حيث أسس مبادئ المنهج العلمي على يد اليونانيين وظل يتطور بشكل مستمر حتى يومنا هذا، ويستخدم هذا المنهج بشكل كبير في العلوم الإنسانية والاجتماعية المختلفة والعديد من المجالات العلمية الأخرى، ومن هنا قد تتساءل عزيزي القارئ عن سبب الاعتماد على المنهج المقارن في البحث العلمي؟
تعد المقارنة في البحث العلمي من الوسائل الهامة في الحصول على أجوبة هامة ومفيدة لعدة تساؤلات علمية مختلفة بما يختصر الوقت اللازم لدراسة الحالة والتي قد تتطلب وقت كبير للحصول على المعلومات اللازمة، كما أن استخدام المقارنة يساعد بشكل كبير على إعطاء وصوف دقيقة للظواهر والمشكلات العلمية المختلفة وبالتالي تساعد القارئ على تكوين فهم كبير وعميق لموضوع البحث العلمي، كما وأن المقارنة في البحث تساهم في تصنيف المعلومات المتوفرة في البحث العلمي وبالتالي تساهم في تكوين وصف وتصنيف لموضوع البحث العلمي وخصوصاً في مواضيع العلوم الإنسانية والاجتماعية كما ذكرنا سابقاً.
أنواع المنهج المقارن في البحث العلمي:
يوجد نوعين أساسيين للمقارنة في البحث العلمي وهما الآتي:
- المقارنة النوعية:
يسمى هذا النوع أيضاً بالمقارنة النظرية أو الغير تجريبية والتي تعتمد تدوين النتائج كما هي وذلك من خلال بحث ودراسة الباحث لكافة معطيات الظواهر والمشكلات التي تتم مقارنتها وتحديد أهم نقاط الاختلاف والتشابه فيما بينها.
- المقارنة الكمية:
ويسمى هذا النوع بالمقارنة التجريبية أو العملية وهي نوع المقارنة التي تستخدم التجربة لقياس ومعرفة الحالة الكمية لمتغير ومدى تأثيره على تابع.
استخدام المنهج المقارن في البحث العلمي
يمكن للباحث الاعتماد على المنهج المقارن في حال وجود قضيتين أو مجموعتين أو فكرتين أو أكثر في الدراسة حيث يسهل المنهج هذا معرفة كل ما هو متشابه أو مختلف بما يكون فهم واستيعاب أكبر لكلا الموضوعين بشكل أكبر، ولكن يجب على الباحث أن يلم بكافة التفاصيل في المقارنة ومحاولة جمع أكبر قدر مستطاع من المعلومات والبيانات حول كل موضوع، ومن هذا المنطلق لا يمكن أن يتم البحث العلمي باستخدام المنهج المقارن دون وجود الكم اللازم من المعلومات والتي قد تتطلب جمع البيانات والمعلومات من خلال وسائل جمع البيانات والمعلومات اللازمة والمناسبة لتكوين قاعدة البيانات المطلوبة.
خصائص المنهج العلمي المقارن
توجد مجموعة من الخصائص والمميزات التي ينفرد بها المنهج المقارن في البحث العلمي والتي من أهمها ما يلي:
· يساهم منهج المقارنة في إظهار الجوانب المتشابهة في المقارنة وبالتالي فيمكن تكوين معرفة لأهم ميزات كل جانب، كما تظهر في المقابل الجوانب الخلافية في المقارنة والتي توضح الموضوع بشكل أكبر وأدق.
· يتميز المنهج الكمي المقارن بأنه ذو منحى متغير وغير ثابت.
· يتميز المنهج النوعي المقارن بأنه ذو منحى ثابت بشكل عام.
· تتميز طريقة المنهج العلمي المقارن بأنها يمكن أن تجمع بين المقارنة الكمية والنوعية لإظهار أدق التفاصيل في المقارنة.
· تستخدم طريقة المقارنة في البحث العلمي بشكل كبير لدى دراسة المجتمعات الإنسانية والظواهر الاجتماعية المختلفة.
كيفية العمل في المنهج المقارن
يقوم الباحثون بتحديد الجوانب الأساسية في المقارنة ويتم جمع البيانات اللازمة حولها من خلال الوسائل الممكنة وتطبيق أساليب الإحصاء والتحليل لتكوين نتائج مفيدة في الجوانب المختلفة في المقارنة، كما ويتم الاعتماد على المعلومات المثبتة الموجودة حول موضوع البحث في تكوين المقارنة بين الجوانب المختلفة.
يقوم الباحث العلمي لدى المقارنة بين مجموعة من القيم المتغيرة بتحديد المتوسط الحسابي لها والقيام بالمقارنة على هذا الأساس، وهذه المقارنة تستخدم بشكل واسع في مجالات العلوم الاجتماعية حيث تساهم في تحقيق المقارنة الدقيقة بين الحالات الاجتماعية المختلفة.
يقوم الباحث العلمي بدراسة كافة العوامل المؤثرة على المتغيرات في كل جوانب موضوع البحث ومقارنة نتائج المتغيرات فيها بشكل مفصل.
الطرق الممكنة لاستخدام المنهج المقارن
هناك مجموعة طرق لاستخدام المنهج العلمي المقارن والتي ترتبط بنوع المعلومات والموضوع البحثي ومن أبرز هذه الطرق ما يلي:
1- التباين: يتم الاعتماد على طريقة التباين في منهجية المقارنة لدى وجود موضوعين أو أكثر تكون صفاتها مشتركة في كافة الجوانب ما عدا جانب واحد وهنا تتم المقارنة في هذا الجانب الذي يسبب هذا الاختلاف.
2- الاتفاق: يتم الاعتماد على طريقة الاتفاق في المنهج المقارن عند وجود عامل واحد مشترك في حدوث مشكلة أو ظاهرة علمية معينة وهنا يكون هذا العامل هو السبب الأساسي في ظهور المشكلة أو حدوث الظاهرة.
3- المشتركة: هذه الطريقة هي جمع بين التباين والاتفاق في المنهج المقارن والتي يظهر الباحث من خلالها الاتفاق على العامل المشترك بين مواضيع المقارنة والتباين في ما بينها في الوقت ذاته ومن هذا المنطلق يثبت الباحث على صحة العامل المشترك الذي يسبب الظواهر والمشكلات العلمية المدروسة.
4- العوامل الناقصة: تستخدم هذه الطريقة في منهجية المقارنة لدى وجود مجموعة من العوامل المؤثرة في ظاهرة أو مشكلة البحث وعدم وجود بعضها ولدى المقارنة مع ظاهرة أو مشكلة مشابهة أو أكثر يتم اكتشاف العوامل الناقصة بشكل عام.
5- التغير النسبي: تستخدم هذه الطريقة في منهجية المقارنة لدى وجود فهم واضح لسبب ونتائج ظاهرة ما حيث يتم مقارنة العوامل المؤثرة في هذا السبب والنتائج المتغيرة لدى تطبيقها ومعرفة النتائج المترتبة عنها.
في الختام فإن المنهج المقارن في البحث العلمي هو منهج أساسي ويستخدم بشكل واسع في المجتمع ويمكن الاعتماد عليه في الاشتراك مع مناهج بحثية أخرى.
نتمنى من الله أن يكون التوفيق حليفنا في هذا المقال الذي قدمناه عن المنهج المقارن بشكل كامل ومفصل.