يقدم البحث العلمي مجموعة من الخطوات المنهجية التي تهدف إلى إيجاد حل لمشكلة علمية أو تقديم تفسيرات ونتائج معينة لظاهرة علمية، وهذه الخطوات المنهجية تسمى بالمنهج العلمي والذي يساهم في مساعدة الباحث على التفكير الإبداعي ومعرفة ما عليه القيام به حتى يصل إلى المراد في حل موضوع البحث، ومن المناهج العلمية المستخدمة المنهج التحليلي الذي يعتبر من أهم المناهج العلمية المعروفة والذي سوف نخصص هذا المقال لشرحه بشكل كامل ومفصل.
المناهج العلمية
توجد عدة أنواع من التصنيفات الشهيرة لمناهج البحث العلمي والتي أسسها فلاسفة وعلماء معروفين ومعروفة بشكل كبير بين عموم الباحثين ومن أهم هذه التصنيفات على سبيل المثال ما يلي:
- تصنيف ويتني: يضم المناهج العلمية التالية: المنهج الإبداعي والمنهج الوصفي ومنهج التنبؤ والمنهج التاريخي والمنهج الاجتماعي.
- تصنيف ماركيز: يضم المناهج العلمية التالية: المنهج التجريبي والمنهج الأنثروبولوجي والمنهج التاريخي ومنهج دراسة الحالة ومنهج المسح الاجتماعي.
- تصنيف جودو سكانس: ويضم المناهج العلمية التالية: المنهج الوصفي والمنهج التجريبي والمنهج التاريخي ومنهج دراسة الحالة ومنهج دراسة التطور والنمو.
ماهية المنهج التحليلي
يعتبر المنهج العلمي التحليلي من أنواع مناهج البحث العلمي المعروفة والذي يستخدم في حل الأبحاث العلمية التي تضم بيانات كثيرة حيث يساهم في توفير الحلول المناسبة والمنطقية لهذه الأبحاث، وهو يقوم بشكل رئيسي على تحليل موضوع البحث العلمي الكلي وتجزئته إلى مجموعة أجزاء أو جوانب لحلها وتطبيقها على الموضوع البحثي الكلي.
ويمكننا تعريف منهجية التحليل في البحث العلمي على أنها طريقة دراسة البحث العلمي عن طريق التحليل والتجزئة والتجميع، ويستخدم هذا المنهج بشكل واسع في العديد من البحوث والدراسات العلمية المختلفة وخصوصاً البحوث الاجتماعية والإنسانية، ويقوم المنهج العلمي التحليلي بشكل عام على ثلاث مواضيع رئيسية وهي النقد والتفسير والاستنباط والتي تشكل أساس العمل فيه ويمكن أن تتساءل عزيزي القارئ عن معنى النقد والتفسير والاستنباط؟
ماهية النقد والتفسير والاستنباط
كما ذكرنا في السابق فإن المنهج التحليلي يبنى على ثلاثة أمور وهي التي تسهم في تكوين هذا المنهج والعمل وفقه وتكون هذه الأمور كما الآتي:
- النقد: يعبر مصطلح النقد بشكل عام عن إظهار مكامن الخلل أو العيب في أمر ما وفي منهجية التحليل العلمي يعبر النقد عن إظهار مكامن الخلل في البحوث والدراسات العلمية التي تدخل في موضوع البحث كما ويجب التنويه إلى أن الباحث عليه ذكر النواحي الإيجابية أيضاً في النقد الذي يقوم به ،وأيضاً يجب عليه القيام بتصحيح الخلل الذي وجده من خلال العودة إلى الأصول والحقائق والمعلومات المثبتة التي توجد في المجال الاختصاصي للبحث العلمي، ويقوم الباحث في نهاية النقد بكتابة رأيه حول البحث الذي قام بنقده مهما كان نوعه.
- التفسير: يعبر مفهوم التفسير في المنهج التحليلي عن عملية تفسير وشرح مفصل ودقيق للمعلومات والمواضيع التي ترتبط في البحوث العلمية المختلفة التي تجري دراستها في البحث العلمي التحليلي، ويستخدم التأويل بشكل كبير في عملية الشرح ضمن المنهج التحليلي والتي تتم من خلال الاعتماد على المستوى العلمي والاختصاصي للباحث، والذي يذكر كل ما يجده من تشابه أو اختلاف في ما بين المواضيع أو النصوص المدروسة وهو ما يساهم في كشف مكامن الخلل فيها والنقاط الإشكالية التي توجد ضمنها، وتعتبر الأبحاث والدراسات العلمية في العلوم الفقهية والإسلامية أكثر المجالات العلمية التي تعتمد على التفسير وفق المنهجية التحليلية، ويمكننا تقسيم التفسير إلى نوعين رئيسيين وهما التحليل البسيط والتحليل المركب.
التحليل البسيط يستخدم بشكل عام لدى القيام بالتفسير للنصوص المدروسة بالمقارنة مع النصوص والمواضيع الأخرى حيث يحدد الباحث مكامن التوافق والاختلاف، بينما التحليل المركب عند دراسة النصوص والمواضيع من خلال أصولها والمعلومات المتوفرة حولها ودراسة هذه الأصول والحقائق بدقة لربطها بشكل منطقي مع الأسباب الحقيقية والآراء حولها وإيجاد التفسير المناسب لها.
- الاستنباط: يعتبر الاستنباط طريقة هامة في المنهج العلمي التحليلي وهو يقوم على دراسة الجزيئات وتكوين تفسير تحليلي واضح من خلالها بحيث تنطبق بشكل كبير مع الموضوع المدروس والاستنباط له نوعين رئيسيين وهما الاستنباط الكلي والاستنباط الجزئي.
- الاستنباط الكلي هو العمل الذي يقوم به الباحث للخروج بأفكار أو استنتاجات نظرية حديثة من خلال الإبداع والابتكار وتكون هذه الاكتشافات جديدة كلياً وليس لها مواضيع أو امثله مشابهة مسبقاً، بينما الاستنباط الجزئي يقوم على أساس الأخذ بجزء من نظريات علمية والعمل على تحديثها وتطويرها بشكل مستمر وإضافة معلومات مثبتة ومفيدة لها.
ما هي خطوات العمل وفق المنهج التحليلي؟
· تحديد موضوع أو مشكلة البحث العلمي: تعتبر عملية اختيار موضوع البحث وتحديد المشكلة البحثية هي أولى خطوات العمل وفقاً للمنهج العلمي التحليلي كما جميع المناهج الأخرى فلا يمكن أن يكون البحث صحيحاً ومبني على أساس متين دون تحديد دقيق لمشكلة البحث العلمي.
· جمع المعلومات المتوافرة حول موضوع البحث: في هذه الخطوة يقوم الباحث بتحديد المراجع والمصادر ودراستها بشكل كامل وتحديد المعلومات الهامة التي ترتبط بموضوع البحث والتي تكون من الدراسات والبحوث السابقة أو من الكتب والمجلات المحكمة وشبكة الإنترنت وغيرها.
· اختيار فرضيات وتساؤلات البحث: تعتبر هذه المرحلة أساس العمل البحثي على المعلومات التي يتضمنها البحث حيث تحدد أفكار الباحث التي يعتمد عليها لحل موضوع البحث والتي يجب أن تكون مناسبة لموضوع البحث بشكل دقيق.
· تحديد عينة البحث العلمي: في هذه المرحلة يقوم الباحث بتحديد عينة البحث وهي التي سوف يتم الدراسة فيها والتي تكون معبرة عن الموضوع البحثي الكلي ويجب أن تعطي العينة بيانات دقيقة تستخدم في تشكيل المعلومات اللازمة لإتمام عملية حل موضوع البحث.
· اختيار أدوات البحث العلمي: الأدوات البحثية تستخدم لجمع البيانات من عينة البحث وترتبط هذه الأدوات بمنهجية البحث والموضوع البحثي والإمكانيات المادية والبحثية ومن أهم الأدوات المستخدمة في منهجية التحليل الملاحظات والاستبيانات والمقابلات وغيرها.
· تنفيذ العمل البحثي: هنا يقوم الباحث بدراسة العينة وجمع البيانات وتحليلها بشكل مناسب واكتشاف المعلومات منها والتي تؤدي بدورها لكشف حلول وتفسيرات موضوع البحث.
· وضع النتائج البحثية: تعتبر هذه الخطوة هي الأخيرة والأهم في المنهج العلمي التحليلي والتي تظهر نتيجة البحث العلمي والتي تظهر قيمة البحث وأهميته ومدى جهد الباحث المبذول.
في الختام بوسعنا القول بأن المنهجية التحليلية في البحث العلمي هي منهجية هامة ومعتمدة وخصوصاً لدى دراسة النصوص الدينية من خلال التفسير والاستنباط والتحليل كما ويستخدم إلى جانب مناهج علمية أخرى ضمن عدة بحوث علمية متنوعة.