يعتبر البحث العلمي هو نواة تطوير كافة مجالات الحياة، فمن دونه ما وجد الإنسان الاختراعات وما تطورت البشرية برمتها، وكل هذه الأهمية القصوى للعمل البحثي جعلت العلماء والباحثين يجدون في تنظيم العمل، مما أدى إلى ظهور المناهج العلمية المختلفة التي نعرفها اليوم، والتي تقوم كل منهجية فيها على أسس ومبادئ محددة، ولمدى أهمية هذا الموضوع سوف نسلط لكم الضوء في هذا المقال على أهمية أسس وضع منهجية البحث العلمي بشكل كامل ومفصل.
تعتمد أسس وضع منهجية البحث العلمي على عدة نقاط أساسية وهي:
1- طبيعة البحث:
إن البحث العلمي هو أحد أشكال العمل المنهجي الذي يعتمد على دراسة موضوع معين من خلال مجموعة من الخطوات للخروج بنتيجة معينة، ولكن لكل موضوع بحثي طبيعية خاصة به تختلف عن البحوث الأخرى، فهناك على سبيل المثال بحوث تقوم على معرفة نتائج ظاهرة علمية معينة وتأثيراتها، بينما بحوث أخرى تعمل على كشف أسباب مشكلة علمية ما، ولكل من هذه البحوث التي اخذناها كمثال طبيعة مختلفة عن بعضها البعض، وبالتالي تختلف أسس وضع منهجية البحث الخاصة بها.
2- التفكير بشكل علمي:
يعتبر التفكير الإبداعي العلمي هو ركيزة أساسية من أسس وضع منهجية البحث العلمي، حيث أنه يساعد الباحث على مواجهة المشكلات والمعوقات التي تعترض دراسة موضوع البحث، وتمكنه من إدراك روابط الموضوع، وتقديم تفسيرات وحلول علمية تتماشى مع المجال العلمي الذي ينتمي إليه.
3- اختيار منهج البحث العلمي:
يجب على الباحث أن يدرك مختلف مناهج البحث العلمي لكي يستطيع أن يكون متمكن من أسس وضع منهجية البحث العلمي المناسبة للعمل على الموضوع البحثي، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن المنهج التجريبي هو الأداة المثالية لدى دراسة الأبحاث العلمية المحسوسة القابلة للتجريب واختبار النتائج المحتملة، بينما المنهج الاستردادي هو الأمثل عند دراسة ظاهرة مجتمعية حدثت لأكثر من مرة وتتوفر معلومات دقيقة حولها، والمنهج الفلسفي هو السبيل الأفضل لدراسة القضايا الجدلية التي تتسم بالغموض والغير محسوسة وهكذا.
4- طبيعة الباحث وحسه العلمي:
من أسس وضع منهجية البحث العلمي بشكل مناسب هي طبيعة الباحث وحسه العلمي الذي يساعده في النجاح، فيجيب أن يكون الباحث على قدر كبير من الملاحظة والإحساس بما يجب دراسته، فمثلاً إذا شاهد الباحث في مجال المناخ والطقس تغيرات جذرية في المناخ، وعندما يشعر الباحث في العلوم الاجتماعية وجود سلوك اجتماعي غريب في مجتمعه فهذه الأمثلة هي أسس يجب على الباحث للانتباه إليها للبدء في تنفيذ الدراسات العلمية.
5- وضع أهداف واضحة ومحددة من البحث العلمي:
يجب أن يكون الباحث على دراية تامة بكيفية تحديد أهداف منطقية ومقبولة وواضحة، أي أنه يستطيع أن يحققها في نهاية الدراسة، وهذا من أهم أسس وضع منهجية البحث العلمي، فعلى سبيل المثال فإن دراسة نتائج ظاهرة الاحتباس الحراري يجب أن يكون هدف الباحث كشف هذه النتائج بشكل واضح.
6- طريقة جمع البيانات والمعلومات عن موضوع البحث:
من أسس وضع منهجية البحث العلمي، والتي من غير الممكن اكتمال البحث بدونها هي تجميع الباحث للبيانات والمعلومات، والتي تتم عبر طريقتين أساسيتين وهما:
الطريقة الأولى البيانات التي تجمع على أرض الواقع: هذه البيانات تشكل نواة للمعلومات التي سوف يستخدمها الباحث لاحقاً، والتي يتم جمعها باستخدام أدوات جمع البيانات، ومنها على سبيل المثال الملاحظات والاستبيانات والمقابلات وغيرها. وبعد جمع البيانات اللازمة يقوم الباحث بفرزها وترتيبها للحصول على المعلومات المطلوبة.
الطريقة الثانية المعلومات المتوفرة عن موضوع البحث: وهذه المعلومات تكون متوفرة من خلال عدة مصادر مختلفة والتي من أهمها ما يلي:
- الكتب: توجد الكثير من الكتب والمؤلفات حول مختلف القضايا والمواضيع والتخصصات العلمية، حيث يمكن للباحث أن يعتمد عليها لإيجاد المعلومات التي تخص بحثه العلمي، ولكن يجب الانتباه إلى ضرورة أن تكون الكتب من مصادر موثوقة.
- الأبحاث والدراسات العلمية السابقة: وتعتبر هذه الأبحاث من أهم المصادر التي يمكن الاعتماد عليها من قبل الباحث، والتي تتواجد بشكل خاص في المجلات العلمية المحكمة الموثوقة مثل المجلة الدولية لنشر الدراسات العلمية.
- المقالات العلمية: والتي تكون في نفس الاختصاص البحثي، وتوجد بكثرة في المجلات العلمية.
- الإنترنت: يضم الانترنت على بحر ضخم من المعلومات، ولكن على الباحث أن يكون حريصاً كل الحرص عند أخذ المعلومات منه، حيث يحب أن تكون هذه المعلومات من مواقع مضمونه وموثوقة تابعة لإحدى المجلات العلمية المحكمة وكمثال المجلة الدولية لنشر الدراسات العلمية أو لهيئات علمية وثقافية معروفة أو للمنشآت التعليمية المعروفة.
7- تحديد فرضيات البحث العلمي: تعتبر فرضيات البحث العلمي أو الأسئلة البحثية من أبرز أسس وضع منهجية البحث العلمي، حيث أنها تعبر عن الحل المبدئي لمشكلة أو ظاهرة البحث العلمي، والتي يعمل الباحث فيما بعد على إثبات كونها صحيحة بشكل قاطع أو غير ذلك.
ويوجد فرق بين فرضيات البحث والأسئلة البحثية، فالفرضية تعبر عن وجود متغيرين الأول يدعى بالمستقل والثاني بالتابع، بينما اسئلة البحث تكون أسئلة تتضمن أدوات الاستفهام مثل ماذا وكيف وهل وما وغيرها.
7- تحليل العلاقات وتفسيرها وايجاد الحلول والنتائج:
يعتبر تحليل العلاقات وتفسيرها من أهم أسس وضع منهجية البحث العلمي، حيث يليها وضع النتائج البحثية، وما تتضمنه من حلول وتفسيرات، وهذا هو الأساس من قيام الباحث بدراسته.
8- كتابة البحث العلمي:
إن كتابة البحث العلمي بشكل أكاديمي بعد الانتهاء من دراسته تعتبر ضرورة ومن أهم أسس وضع منهجية البحث العلمي حيث أنها تظهر العمل والجهد المبذول بشكل مفيد وتكون الخطوات الصحيحة وفقاً للترتيب التالي:
- عنوان البحث العلمي: والذي يجب أن يكون مختصر وفريد ومعبر عن الموضوع بدقة متناهية.
- مقدمة البحث: والتي تعتبر عن مختصر مفيد للبحث وتعريف به.
- حدود الدراسة: وهي الابعاد الزمانية والمكانية وتحديد عينة البحث.
- أهمية وأهداف البحث: وتعبر عن الأسباب التي تظهر أهمية البحث العلمي، وما هي الأهداف المرجوة منه.
- إشكالية البحث: وتتضمن إشكالية الدراسة واسئلة وفرضيات البحث المستخدمة في الدراسة.
- هيكلية البحث: وهي كتابة التفاصيل البحثية التي تتضمن مجموعة من الأبواب والفصول.
- النتائج البحثية: وتتضمن مجموعة الاستنتاجات والنتائج التي خلص إليها الباحث.
- الاستنتاجات والمقترحات: وهي خلاصة الدراسة، ومقترحات وتوصيات الباحث.
- الخاتمة: وهي مجموعة من النقاط حول موضوع أو نتائج البحث التي يراها الباحث هامة
- قائمة المراجع والمصادر: وهي المصادر والمراجع العلمية التي استعان بها الباحث لإتمام عملية الدراسة.
في الختام فإن أسس وضع منهجية البحث العلمي لها أهمية قصوى في تحديد جودة عمل الباحث للوصول إلى أهم النتائج النهائية التي تسهم في تطور العلوم المختلفة.
نتمنى أن يكون التوفيق حليفنا فيما قدمناه لكم في هذا الموضوع حول أسس وضع منهجية البحث العلمي.