يحتوي البحث العلمي العديد من المناهج التي يستخدمها الباحثون لإتمام دراساتهم وأبحاثهم، حيث أن كل منهج أتى بعد دراسة وعمل طويل من قبل الكثير من العلماء والباحثين على مر الزمان، ومن هذه المناهج لدينا المنهج التحليلي والذي يعتبر من أبرز وأهم مناهج البحث العلمي، لأنه يعتمد على الطريقة التحليلية التي تساعد الباحثين في الكشف عن حلول للكثير من مشكلات البحث العلمي الذي يقومون بدراستها، لذلك فإننا في هذا الموضوع سوف نقدم لكم دراسة شاملة ومختصرة حول المنهج التحليلي في البحث العلمي.
المنهج التحليلي كتعريف هو طريقة عمل يعتمدها الباحث عبر دراسة جميع الإشكاليات المطروحة في البحث العلمي عن طريق الاعتماد على جميع الأساليب الممكنة للوصول إلى النتيجة النهائية. ويستخدم المنهج التحليلي في كافة أنواع البحوث العلمية ومن أهمها البحوث الشرعية والقانونية وغيرها. وهناك العديد من الطرق المستخدمة في هذا المنهج العلمي ومنها التفكيك والاستنباط والتحليل والتركيب.
تكمن أهمية وضرورة المنهج التحليلي في البحث العلمي من خلال ما يلي:
- دقة النتائج النهائية حيث أن منهجية البحث العلمي القائمة على التحليل تحتاج إلى أن يعطي الباحث نتائج واضحة مهما كانت هذه النتائج أرقام أو وصف أو استنتاج، ولكن بالرغم من أن كل مناهج البحث العلمي تتطلب الدقة في النتائج إلا أن المنهج التحليلي بشكل خاص يشترط أن تكون النتائج على أعلى درجة من الدقة والوضوح والموضوعية في ذات الوقت.
- تقسيم مشكلة البحث إلى أجزاء لإيجاد حلول المشكلة البحثية حيث أن المنهج التحليلي يمكن الباحث من تبسيط المشكلة عبر جعلها أقسام متعددة ودراسة كل منها على حدى بما يزيد من قدرة الباحث على رؤية كافة التفاصيل والجزئيات، مما يساهم في إيجاد حل عملي ومنطقي ينطبق على المشكلة الأساسية بشكل أسهل وأسرع.
- الاعتماد على النقد والشرح لإيضاح مشكلة البحث، حيث أن الباحث يعرض جميع النقاط الغير معروفة أو الغير مؤكدة في مشكلة البحث، ويقوم بنقد المبهم منها وإظهار النقاط الصحيحة لكي تكون المتشكلة البحثية واضحة تماماً من كافة النواحي، ويعمل على ما يجمعه من بيانات ومعلومات جديدة في حل النقاط الغير معروفة من أجل حل الموضوع بشكل كامل ومنطقي.
على ماذا يعتمد المنهج التحليلي؟
يعتمد المنهج التحليلي في البحث العلمي على ثلاثة نقاط أساسية يجب على الباحث أن يتقنها من أجل إتقان العمل في هذا المنهج وهي كما يلي:
1- التفسير: يعتبر التفسير من أهم الأمور في المنهج التحليلي، حيث يجب على الباحث إتقان كيفية شرح جميع المعلومات التي تتعلق بموضوع البحث العلمي، ويقوم الباحث عبر التفسير بإعطاء حلول علمية ومنطقية لدى دراسة بيانات ومعلومات معينة وخصوصاً في النصوص والمستندات حيث تتضمن دراسة ما يشابهها وإيجاد أوجه الشبه والاختلاف والخروج بتفسير منطقي مستند على حقائق علمية.
وهناك نوعين أساسيين للتفسير وهما:
التفسير البسيط: وهو العملية التي يقوم بها الباحث من خلال دراسة النصوص والمستندات المتوفرة لديه ومقارنتها مع النصوص والمستندات الأخرى، وتحديد مكامن التوافق والاختلاف فيها.
التفسير المركب: وهو العملية التي يقوم بها الباحث من خلال دراسة موضوع البحث وإعادته إلى شكله أو أصله الأول، ودراسة جميع المعطيات والمعلومات حول هذا الأصل من أجل إيجاد تفسير علمي صحيح متوافق مع الأحداث السابقة.
2- النقد: ويعد النقد من ركائز المنهج التحليلي في البحث العلمي حيث يقوم بها الباحث بنقد المواضيع العلمية التي يعمل بدراستها، وذلك من خلال إيجاد مكامن الخلل فيها والتنويه إليها، وليس ذلك فحسب بل يتضمن النقد ذكر الباحث لمكامن القوة والنقاط الإيجابية في موضوع البحث.
ولا تنتهي عملية النقد هنا يل يجب على الباحث أن يدرس مكامن الخلل والخطأ في موضوع البحث ومحاولة إيجاد ما هو الصحيح فيعا فيها، وذلك من خلال العودة إلى أصل كل خطأ، وتحليل المعلومات والبيانات وإيجاد الصواب من خلال المعلومات المؤكدة والموثوقة. كما ويجب على الباحث أن يطرح رأيه في موضوع البحث بعد انتهاء النقد سواءً كان سلبياً أو إيجابياً.
3- الاستدلال: وتسمى أيضاً بالاستنباط وهي طريقة هامة من أساسيات المنهج التحليلي في البحث العلمي، ويجب على الباحث فيها أن يقوم بتأمل كافة التفاصيل والجزئيات المتعلقة بموضوع البحث العلمي من أجل الاستدلال على النتيجة النهائية الصحيحة.
وبدوره يقسم الاستدلال إلى نوعين أساسيين وهما:
الاستدلال الكلي: وهو قيام الباحث بالبحث عن حل لمشكلة البحث العلمي من خلال استنباط نظرية جديدة كلياً، وتتطلب هذه الناحية موهبة وإمكانية كبيرة يستطيع من خلالها الباحث الخروج بنظرية منطقية من دون الاعتماد على ما يطابقها.
الاستدلال الجزئي: وهو قيام الباحث باستنباط حل لمشكلة البحث العلمي من خلال الاعتماد على النظريات العلمية الأخرى، وذلك من خلال تطبيقها على مشكلة البحث، وتزويدها بالمعلومات الجديدة للخروج بالحل المنطقي والعلمي.
4- التركيب: وهو قيام الباحث بجمع المعلومات من عدة نظريات مختلفة معاً في آن واحد من أجل حل مشكلة البحث العلمي الذي يعمل عليها، حيث يقوم بتركيب نظرية موحدة من النظريات التي قام بالاعتماد عليها، وتتطلب هذه العملية أن تكون النظرية المجمعة مختلفة عن النظريات الأخرى ضمن البحث العلمي.
المناهج العلمية المقترنة مع المنهج التحليلي
هناك اقتران كبير بين المنهج التحليلي مع باقي المناهج العلمية الأخرى فيما يساهم في حل مشكلات البحث العلمي المختلفة، ومن الأمثلة على ذلك:
1- المنهج التحليلي الفلسفي: وهو الاقتران بين المنهجين التحليلي والفلسفي ويعتبر من أكثر الاقتران شيوعاً في البحث العلمي، ويستخدم في حل مشاكل البحث العلمي التي ترتكز على قضايا أخلاقية ومبدئية وغير محسوسة بحيث من غير الممكن قياسها كمياً، فهذا المنهج يعتمد عليه كثيراً في الخروج بنتائج مرضية ومنطقية لقضايا صعبة الحل بشكل عملي أو حسي.
2- المنهج التحليلي الوصفي: وهو الاقتران بين المنهجين التحليلي والوصفي في البحث العلمي، حيث يقوم الباحث عبره بالاعتماد على الملاحظة لمشكلة أو موضوع البحث، ثم يقوم بوصفها بشكل منطقي ودقيق، وبعدها على الباحث أن يجمع البيانات والمعلومات عن الموضوع، وتحديد أسئلة البحث العلمي بشكل مناسب ودقيق، وإظهار النتائج التي تحمل حل للموضوع، أو الخروج بنظرية منطقية جديدة يمكن الاعتماد عليها كحل منطقي وموثوق.
3- المنهج التحليلي المقارن: وهو اقتران المنهجين التحليلي والمقارن، ويستخدم عادةً في دراسة القضايا الاجتماعية، فهو يعتمد على المقارنة بين مشكلتين بحثيتين في أماكن مختلفة، من خلال تحديد أوجه التباين والتشابه، والخروج بحلول منطقية من خلال هذه المقارنة.
في النهاية إن المنهج التحليلي في البحث العلمي هو أحد المناهج العلمية العديدة التي تستخدم في عالم البحوث والدراسات، والذي يقوم على أسس علمية محددة تستخدم في إيجاد حلول لمشكلات البحثية معينة تحتاج إلى التحليل بشكل كبير.
نتمنى أن يكون التوفيق حليفنا في ما قدمناه لكم من شرح المنهج التحليلي في البحث العلمي.