المنهج المقارن نوع من أنواع مناهج البحث العلمي المعروفة، والذي عرف منذ قديم الزمان وتحديداً منذ أيام حضارة الإغريق، والذين رسموا المعالم الأولى والأساسية لهذا المنهج، واستخدم في دراسة الظواهر الاجتماعية والطبيعية والسياسية وغيرها، ولا يزال استخدام هذه المنهجية في دراسة الأبحاث العلمية مستمراً حتى اللحظة وهو من المناهج الأساسية في البحث العلمي في يومنا الحاضر، لذلك سوف نخصص هذا المقال اليوم لنتحدث فيه غن كل ما يتعلق بالمنهج المقارن في البحث العلمي بشكل كامل ومفصل.
مفهوم وأهداف المنهج المقارن في البحث العلمي
المنهج المقارن هو طريقة عمل يعتمدها الباحث في دراسة أي قضية علمية عن طريق إجراء مقارنة بينها وبين قضية علمية أخرى، وذلك من أجل معرفة أوجه التشابه بينهما، والاختلاف كذلك، ومقارنة ما يجده في كلتا الحالتين بغية كشف تفاصيل موضوع بحثه العلمي وتفسير ما يقوم بدراسته. لكن استخدام هذا المنهج يكون وفق خطوات وطرق محددة وعلى أسس علمية يجب على الباحث التقيد بها حسب الحالة التي تتم دراستها كما سوف نرى لاحقاً.
ويستخدم المنهج المقارن في مختلف أنواع البحوث والدراسات العلمية، وعلى سبيل المثال البحوث القانونية والاجتماعية والإنسانية والدينية وغيرها.
وتأتي أهمية استخدام المنهج المقارن في البحث العلمي من خلال مجموعة من النقاط والتي في مقدمتها تطوير المجتمعات الإنسانية من خلال دراسة المشكلات والظواهر التي تصيب المجتمع والتي لا يمكن إيجاد تفسيرات وحلول لها إلا عن طريق مقارنتها مع المجتمعات الأخرى والتجارب السابقة التي مرت بها المجتمعات خلال التطور الإنساني، وذلك في العديد من المجالات المختلفة ومنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها، كما أنه يفيد في دراسة الظواهر الطبيعية التي حدثت من خلال مقارنتها مع مثيلاتها في الشروط والأحكام ودراسة ما هي أوجه الشبه والاختلاف لمعرفة المسببات والنتائج المترتبة عنها.
وأهداف المنهج المقارن في البحث العلمي عديدة ومتنوعة ومن أهمها ما يلي:
- اكتشاف نتائج لبحوث علمية حديثة لم تكن مكتشفة وغير قابلة للبحث بطرق أخرى، فمثلاً دراسة سلوك اجتماعي معين يمكن معرفة أسبابه من خلال دراسة ما جرى مع مجتمع أخر.
- ابعاد الباحث عن الأخطاء والعثرات التي وقع بها الباحثين السابقين في نفس المجال، وتكوين مستوى علمي شامل وعلى عمومية كبيرة بشكل خاص لكل باحث.
- يعمل المنهج المقارن على جمع المفردات والمعلومات المتشابهة والمتوافقة مع بعضها، وهذا شيء أساسي في النظريات العلمية القائمة على مبدأ المقارنة، وإيجاد تخصصات ومواضيع حديثة من خلال هذه العملية.
- إن المنهج التحليلي في البحث العلمي طريقة أساسية لتفسير وتحليل القضايا العلمية الصعبة والمعقدة.
ما هي الخطوات اللازمة عند استخدام المنهج المقارن في البحث العلمي؟
هناك مجموعة من الخطوات المطلوبة من الباحث لإعداد بحث علمي على أساس المنهج المقارن وهي كما يلي:
1- تحديد دقيق لمشكلة البحث العلمي، ووضع التساؤلات البحثية التي تظهر للباحث الموضوع البحثي بشكل دقيق.
2- وضع فرضيات البحث التي سوف يقوم على أساسها بدراسة المشكلة المحددة.
3- تحديد المصطلحات العلمية العامة التي سوف تستخدم في البحث.
4- جمع مختلف البيانات حول موضوع البحث والتي تتكون من البيانات النظرية والعملية الموجودة على أرض الواقع، والتي سوف تستخدم في المقارنة وفي تطبيق النظريات البحثية.
5- ترتيب وتنظيم المعلومات المجموعة عن الموضوع، وإيجاد أوجه الشبه والاختلاف في مختلف نواحي الأمر، والخروج بنتائج واضحة على المستوى النظري والعملي.
6- التأكد من النتائج النهائية، وكتابتها بشكل علمي والتأكد منها عبر تطبيق الفرضيات البحثية عليها، وكتابة الاجابات حول مختلف الأسئلة البحثية التي وضعها الباحث في البداية.
7- تعميم النتائج النهائية، ووضع ما يراه الباحث مناسباً من اقتراحات لموضوع البحث في المستقبل.
كما ويقوم المنهج المقارن في البحث العلمي على عدة طرق مختلفة، وكل منها له استخدام في مواضيع بحثيه محددة وهي كالتالي:
1- الاختلاف:
تقوم هذه الطريقة على دراسة الباحث لموضوع أو أكثر من نفس طبيعة موضوع البحث الذي يقوم بدارسته، وتكون هذه المواضيع متوافقة في مختلف الصفات أو العوامل، ما عدا صفة أو عامل واحد، فيكون الاختلاف بين هذه المواضيع في هذه الصفة أو النقطة فقط.
2- التوافق:
تقوم الطريقة هذه على دراسة الباحث لموضوع أو أكثر يشابه موضوع بحثه العلمي في أحد العوامل أو الصفات المشتركة والذي يكون له دور أساسي في حدوث موضوع البحث، ولا يمكن أن يكون هذا الموضوع قائماً بدونه.
3- المشتركة بين الاختلاف والتوافق:
يقوم الباحث في هذه الحالة بالجمع ما بين النقاط أو الصفات المشتركة بين موضوع البحث والمواضيع الأخرى المشابهة، وبهذا فإنه يستطيع التأكد من ما إذا كان التوافق هو السبب الرئيسي المؤدي إلى ظهور موضوع البحث، أم أن الاختلاف هو ما يؤدي إلى ظهور الموضوع بهذا الشكل.
4- التغير النسبي:
وهذه الطريقة تعتمد على دراسة الباحث للعوامل المؤثرة في موضوع أو مشكلة البحث العلمي، حيث يقوم بإجراء تغييرات على هذه العوامل ومراقبة مدى تأثيرها على الموضوع، ويجب على الباحث في هذه الحالة زيادة وإنقاص كل عامل مؤثر لدراسة النتيجة في كلا الحالتين.
5- العوامل الأخرى:
وهذه الطريقة تستخدم عندما يكون الباحث على دراية تامة بكل ما يتعلق بموضوع أو مشكلة البحث العلمي، ومن خلال البيانات المتوفرة لديه يقوم باستنباط الأجزاء الغامضة والعوامل الأخرى المتعلقة بموضوع بحثه.
إن المنهج المقارن في البحث العلمي كما باقي المناهج الأخرى يواجه فيه الباحث العديد من الصعوبات لدى تطبيقه على أرض الواقع ومن أهم هذه الصعوبات ما يلي:
1- صعوبة تحديد المواضيع والمشكلات البحثية المشابهة لموضوع أو مشكلة البحث العلمي.
2- صعوبة في توضيح المصطلحات العلمية الأساسية العامة في البحث.
3- عدم توفر معيار دقيق في بعض الأحيان للمعلومات حول المتغيرات المؤثرة على موضوع أو مشكلة البحث.
4- الصعوبة في إظهار كافة الصفات أو الخصائص التي تتمتع بها مشكلة أو موضوع البحث العلمي، حيث يكون بعضها مبهماً في بعض الحالات.
5- وجود اختلافات جوهرية بين عناصر المقارنة وخصوصاً لدى المقارنة بين مجتمعات مختلفة بشكل كبير.
6- الظروف المحيطة بمشكلة أو موضوع البحث ربما تكون معقدة جداً بالنسبة للباحثين.
7- قلة المعلومات المطلوبة لإجراء المقارنات في بعض الحالات مما يجعل استخدام هذا المنهج غير ممكن في بعض الحالات.
8- صعوبات تحديد وحدات التحليل التي تجري المقارنة على أساسها.
في النهاية فإن المنهج المقارن في البحث العلمي هو أحد أهم المناهج التي يستخدمها الباحثون لإيجاد حلول للمشاكل البحثية التي تعترض طريقهم، لكن استخدام هذا المنهج يتطلب الكثير من التعلم والخبرة والعمل وفقاً للخطوات والطرق التي ذكرناها لكم في هذا الموضوع.
نتمنى أن يكون التوفيق حليفنا في هذا المقال الذي سلطنا الضوء فيه على المنهج المقارن في البحث العلمي.